08/06/2024

موسمُ الحجِّ: تلبيةٌ لنداءِ اللهِ ومنافعُ للنَّاس

موسمُ الحجِّ: تلبيةٌ لنداءِ اللهِ ومنافعُ للنَّاس

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين..

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[الحجّ: 27-28]. صدق الله العظيم.

 

بدءُ موسمِ الحجّ

 

نستعيد في هذه الأيَّام موسماً جديداً من مواسم الحجّ، حيث بدأت قوافل الحجيج تفد من كلّ مكان، ومن كلّ فجّ عميق، إلى بيت الله الحرام، تلبيةً لنداء ربّها، واستجابةً له لأداء فريضة الحجّ؛ هذه الفريضة الَّتي أوجبها الله سبحانه على كلِّ قادر عليها، والَّتي أشار إليها بقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}.

 

وقد شدَّد الله عزَّ وجلَّ على أداء هذه الفريضة والمبادرة إليها، عندما اعتبرَ جحودها كفراً به وعصياناً لأوامره، فقال: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، وأنَّ الله أراد هذه الفريضة لحساب النَّاس لا لحسابه، فهو غنيّ عن عباده، لا تنفعه طاعة من أطاعه، ولا تضرّه معصية من عصاه.

 

وعن رسول الله (ص) أنَّه قال: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُم الْحَجَّ فَحُجُّوا”، اي بادروا إلى هذا الواجب ولا تتأخَّروا في أدائه.

 

من أهدافِ الحجّ

 

وقد أشار الله عزَّ وجلَّ إلى أنَّ الهدف الذي يرجوه من هذه الفريضة هو المنافع للنَّاس، وهو ما عبَّر عنه للنبيّ إبراهيم (ع)، عندما دعاه أن يعلن للحجّ ويدعو النَّاس إليه: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}. فقد أراد الله من هذه الفريضة أن تؤمِّن، أوَّلاً، التَّلاقي بين المسلمين بكلِّ تنوّعاتهم، والتعارف فيما بينهم، أن لا يقف أمام ذلك حاجز الوطن أو الجنس أو اللَّون أو المذهب والتّوجّهات الفكريَّة، وأن تساهم في تعزيز أواصر الوحدة فيما بينهم، وهم يقفون على صعيد واحد، وفي وقت واحد، ليؤدّوا مناسكهم معاً، عندما يطوفون معاً، ويسعون معاً، ويقفون معاً في عرفات والمشعر الحرام، ويبيتون في منى معاً يرجمون الشَّيطان، لا فرق بينهم في كلِّ ذلك.

 

ثانياً: هو يساهم في أن يستعيد الحجَّاج في مكَّة والمدينة ما يذكِّرهم بما جرى فيهما، فيما عاناه رسول الله (ص) عندما انطلق بدعوته، وما عاناه أصحابه وبذلوا من جهودٍ، وما قدَّموا من تضحيات ودفعوا من أثمان، حتَّى قام هذا الدّين، وتعزَّزَ ووصلَ بعد ذلك إليهم، حتَّى يشعروا بمسؤوليَّتهم تجاهه في حفظه، وإيصال صوته إلى كلِّ مكان يستطيعون إيصاله إليه، ليكون رحمةً للعالمين، وحلًّا لأزماتهم وما يعانونه.

 

وثالثاً: ليُشهدوا الله عزَّ وجلَّ أنَّهم لن يتأخَّروا بأن يلبّوا نداءه وما دعا إليه، يعبِّرون عنه بقولهم: “لبَّيكَ اللَّهمَّ لبَّيكَ، لبَّيكَ لا شريكَ لك لبَّيكَ، إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لك والملك، لا شريكَ لك لبَّيك”، وعندما يطوفون حول الكعبة المشرَّفة، والَّتي هي إعلان منهم بأنَّ الله سوف يكون محور حياتهم، وأنَّهم سيبقون حوله في أيِّ مكان كانوا، وفي أيِّ زمان، يستمدّون منه تعاليم دينهم، وخلال سعيهم بين الصَّفا والمروة، أنّهم لن يحيدوا عن خطّ الاستقامة في الطَّريق إلى الله خلال رحلة حياتهم، وبوقوفهم في عرفات والمزدلفة ومبيتهم في منى، أنهم سيقفون حيث يريد الله لهم أن يقفوا، ولن يبيتوا إلَّا حيث يريدهم أن يبيتوا، حتَّى لو كلَّفهم ذلك تعباً وجهداً ومشقَّة، وسوف يرجمون الشَّيطان، وأنَّهم لن يهادونه ولن يجاملوه ولن يطيعوه، ولن يتردَّدوا في ردِّ كيده وغدره وأحابيله، ليعودوا بعد كلِّ ذلك إلى بلادهم، وقد تزوَّدوا بكلِّ هذه المعاني، وحظوا بما وعدوا به من المغفرة والرَّحمة والرّضوان من الله عزّ وجلّ، حيث ورد في الحديث: “الحاجّ المعتمر وفد الله، وحقٌّ على الله أن يكرم وفده، ويحبوه بالمغفرة”.

 

وفي الحديث: “حجّوا واعتمروا، تصحّ أجسامكم، وتتَّسع أرزاقكم، ويصلح إيمانكم، وتُكفوا مؤونة النَّاس ومؤونة عيالكم”.

 

مسؤوليَّةٌ.. وإحياءٌ

 

ولكن يطرح هنا التساؤل: ما وظيفة الَّذين لم يحجّوا أو من لم يؤدّوا هذه الفريضة؟ وهل هناك ما عليهم أن يقوموا به في هذه الأيَّام المباركة؟

 

نعم، هناك ما ينبغي القيام به، بأن يتابعوا، أوَّلاً، الحجَّاج في كلِّ خطوة من خطواتهم، ليعيشوا معهم المعاني الَّتي يعيشونها، فيكونوا بذلك مشاركين في الحجِّ بقلوبهم ومشاعرهم وأحاسيسهم وأفكارهم.

 

وهناك أمر آخر ينبغي القيام به، وهو إن لم يكن من الواجب، فإنَّه من المستحبَّات الَّتي تمَّ تأكيدها في القرآن الكريم والأحاديث الشَّريفة، وهو إحياء هذه الأيَّام المباركة، الأيَّام العشر الأوائل من ذي الحجَّة الَّتي تبدأ من هذا اليوم، فقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى أهميَّتها، عندما أقسم بها، وهو ما ورد في سورة الفجر، حين قال: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}(الفجر: 1-2)، حيث جاء على لسان أغلب المفسِّرين، أنَّ المقصود بها اللّيالي والأيَّام العشر من ذي الحجَّة، عندما قال عزَّ وجلَّ: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}، وقد فسِّرت هذه بالأيَّام العشر، والتي لا تختصّ بالحجَّاج، بل بكلّ الناس.

 

وفي الحديث عن رسول الله (ص): “ما من أيَّام العمل الصَّالح فيها أحبّ إلى الله من هذه الأيَّام العشر”.

 

ففي هذه الأيَّام، يستحبّ الصّيام، صيام الأيَّام التّسعة منها، ووردت صلاة ركعتين تُؤدَّى كلَّ يوم بين المغرب والعشاء، والَّتي تقرأ فيها الفاتحة والتَّوحيد وآية: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} وفسِّرت العشر بأيَّام ذي الحجَّة.

 

وورد أيضاً الإكثار من الأدعية، والحثّ على التَّهليل والتَّكبير والتَّسبيح في خلالها، وإحياء يوم عرفة الَّذي يأتي في التَّاسع منها، هذا اليوم المبارك الَّذي يقف فيه الحجَّاج على صعيد عرفة، وهم بثياب إحرامهم، في مشهد مهيب، ليدعوا الله فيه، وبكلِّ اللّغات، بأن نشاركهم الدّعاء إلى الله عزّ وجلّ، والوقوف بين يديه، نسأله العفو والمغفرة والعتق من النَّار والفوز بالجنَّة، ولنبثَّ إلى الله همومنا وشكاوانا وما نعانيه، فهو اليوم الَّذي بسط الله فيه موائده وإحسانه وفضله وكرمه لعباده الذَّاكرين له والدَّاعين.

 

وتتوَّج هذه الأيَّام بيوم العيد، الَّذي هو يوم فرح وسرور، لكن لا لكلِّ النَّاس، بل للذين أدّوا لله عزّ وجلّ ما دعاهم إليه، فهو كما في الحديث: “عيدٌ لمن قبل الله صيامه وقيامه”، هو ليس للكسالى عن أداء ما دعاهم الله إليه وحثّهم عليه، فلنكن أهلاً لهذا العيد.

 

التَّزوّدُ الرُّوحيّ

 

أيُّها الأحبَّة: نحن أحوج ما نكون إلى هذا التزوّد الروّحيّ، لنكون أقرب إلى الله والحصول على ثوابه وما وعد به، ولنواجه التحدّيات الَّتي لا بدَّ أن نواجهها، ولنحظى بما وعد في كتابه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً}(الطَّلاق: 2-3).

 

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

 

الخطبة الثّانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به الإمام الجواد (ع)، هذا الإمام الَّذي مرَّت علينا ذكرى وفاته في آخر يوم من أيَّام شهر ذي القعدة الحرام، عندما قال: “ما أنعم اللهُ على عبدٍ نعمةً، فعلم أنَّها من الله، إلَّا كتب الله جلَّ اسمه له شكرها قبل أن يحمده عليها، ولا أذنب ذنباً، فعلم أنَّ الله مطَّلع عليه، إن شاء عذَّبه، وإن شاء غفر له، إلَّا غفر له، وإن لم يستغفره”.

 

لقد أراد الإمام (ع) من ذلك أن يشير إلى أنَّ الإنسان إذا كان واعياً لمدى نعم الله عليه، وأنَّ ما به من نعمة فمنه، يكتبه الله من الشَّاكرين لنعمته قبل أن يتلفَّظ بها، وهو قد يغفر له خطيئته إن علم أنَّ الله يراقبه، وإن لم يستغفر منها.

 

إنّ أقلَّ الواجب أمام هذه الرَّحمة والمغفرة، أن نرسِّخ حضور الله في عقولنا وأنفسنا، لنكون أكثر شكراً ووعياً ومسؤوليَّة وقدرةً على مواجهة التحدّيات.

 

مجازرُ مستمرَّةٌ في غزَّة

 

والبداية من غزَّة الّتي يستمرّ العدوّ بارتكاب مجازره فيها، والَّتي لن يكون آخرها ما ارتكبه في مخيَّم النُّصيرات، وفي مبنى تابع للأمم المتَّحدة، وبالتَّدمير لكلِّ مظاهر الحياة فيها، والَّذي يستكمله في الضفَّة الغربيَّة، من دون أن يبدي أيّ رغبة بالتجاوب مع الجهود التي تبذل حتَّى من الدول الداعمة له، والَّتي تريد له أن يخرج من مأزقه الَّذي وقع فيه، وحرصاً منها عليه، بعدما لم يستطع أن يحقِّق أيَّ إنجاز كان يهدف إليه من معركته هذه سوى التَّدمير للمباني والبنى التحتيَّة، ومن دون أن يبالي بكلِّ الأصوات التي ارتفعت، ولا تزال ترتفع في العالم، لتدعوه إلى إيقاف تماديه بالقتل الوحشي.

 

وإذا كان من تجاوبٍ أبداه هذا الكيان، والَّذي عبَّر عنه الرئيس الأميركي، لإجراء مفاوضات مع المقاومة الفلسطينيَّة، فقد أصبح واضحاً أنَّه يريد من ذلك استعادة أسراه الَّذين بات أهاليهم يقضّون مضاجعه عبر تظاهراتهم اليوميَّة، وبعدما فشل في استردادهم طوال حربه الَّتي تجاوزت الثَّمانية أشهر، ما يجعل هذه المفاوضات تبقى في إطار المراوحة، حيث لا يمكن للمفاوض الفلسطيني أن يقبل بإراحة هذا الكيان باستعادة أسراه من دون أن يكون للشَّعب الفلسطيني الحقّ بالشعور بالأمان في أرضه، وعدم استمرار المعاناة الَّتي تتفاقم في كلِّ يوم.

 

ومن المؤسف أن نجد من يطلب من الجانب الفلسطيني أن يقدِّم التَّنازل، ويعمل على الضَّغط عليه، من دون أن يدعو إلى ذلك الكيان الصهيوني، ومن دون أن يمارس الضغط الجدّي عليه.

 

ثباتُ الشَّعبِ الفلسطينيّ

 

في هذا الوقت، يستمرّ الشَّعب الفلسطيني بالخيار الَّذي أخذه على عاتقه، بالثَّبات على مواقفه، وعدم السَّماح لهذا العدوّ بتحقيق أهدافه في السَّيطرة على قطاع غزَّة، تمهيداً لتهجيره منها، وذلك بالصَّبر على الجراح وتحمّل الآلام وبمقاومته، ما جعل هذا الكيان يقف عاجزاً عن تحقيق أيٍّ من أهدافه، وأدَّى إلى ارتفاع الأصوات من داخل كيانه بضرورة الخروج من رمال غزَّة المتحركة، والَّتي وصلت إلى داخل مجلس حربه.

 

إننا أمام كلّ ذلك، نحيّي هذا الثبات والصّمود والبطولة التي نشهدها في الميدان، والحكمة التي يبديها المفاوض الفلسطيني الَّتي لا تفرِّط في الثوابت، وكلّنا ثقة أنّ هذه الإرادة والاستعداد للتَّضحية والحكمة، ستمكِّن هذا الشَّعب من تحقيق آماله بالحريَّة، وترغم العدوَّ على التراجع عن شروطه. ويكفي دليلاً على ذلك، استمرار التفاعل مع قضيَّته، وتوسّع دائرة التَّأييد له، والمطالبة بحقوقه المشروعة، وانكشاف الصّورة المشوَّهة لهذا الكيان الَّتي كان حريصاً على طمسها، بعدما حقَّق نجاحاً في أن يصوِّر نفسه بصورة المعتدى عليه لا المعتدي.

 

مسيرةُ الأعلام!

 

ونبقى في فلسطين، لنشير إلى مسيرة الأعلام التي شهدناها في القدس من قبل الكيان الصهيوني، والتي تحصل كلَّ عام من قبل هذا الكيان، احتفاءً باستكمال احتلاله للقدس، والَّذي حصل العام 1967، والَّذي واكبه هذا الكيان كما في السَّنوات السابقة، بإعلان قادته اعتبار القدس عاصمةً أبديّةً لهذا الكيان، وعدم استعدادهم لأيِّ تنازل عنها في أيِّ مفاوضات قد تجري.

 

ومع الأسف، جرى ذلك من دون أن يؤدي إلى أي موقف عربي وإسلامي رسمي أو شعبي شاجب لما يجري، ما نراه يشجِّع هذا الكيان على الاستمرار في سياسة تهويد القدس، وتدنيس المسجد الأقصى، واستباحة المقدَّسات الإسلاميَّة والمسيحيَّة.

 

إنجازاتُ المقاومة

 

ونصل إلى لبنان، الَّذي تستمرّ فيه المقاومة بالدَّور الذي أخذته على عاتقها بمساندة الشَّعب الفلسطيني، وعدم تركه وحيداً في معركته مع هذا الكيان الصهيوني، ولأجل ذلك، تبذل التضحيات الجسام، وفي الوقت نفسه، تواجه اعتداءات هذا العدوّ الَّتي تطاول القرى الآمنة في المصالح التجاريَّة والصناعيَّة وتروِّع المواطنين، وهي باتت تقدِّم الإنجازات التي تجعل العدوّ يفكِّر مليّاً قبل أن يقدم على أيّ اعتداء، وستجعل العدوَّ يعي مجدَّداً أن لبنان ليس لقمةً سائغة له.

 

في هذا الوقت، يستمرّ قادة العدوّ بتهديداتهم للبنان، والتي أصبح من الواضح أنها تأتي من باب التهويل، وبثّ الروح المعنويَّة لدى مستوطنيه، وتحقيق مكاسب يريدها من وراء ذلك، بعدما أثبت هذا العدوّ عجزه في الميدان، وتكشَّفت قدرات المقاومة، لكن هذا لا يدعونا إلى أن ننام على حرير هذا الكيان الَّذي قد يقدم على أيّ مغامرة، مستفيداً من الدَّعم الَّذي يحظى به، ما يدعو اللّبنانيّين إلى توحيد صفوفهم في مواجهة هذا العدوّ الَّذي لا يهدِّد طائفة أو مذهباً أو منطقة، بل يهدِّد كلَّ اللّبنانيّين.

 

قد يختلف اللّبنانيّون على العديد من القضايا، لكنَّهم لا ينبغي أن يختلفوا على سيادة هذا البلد، وأن يخرج من هذه المعركة قويّاً، لأنَّ أيَّ ضعف، لا سمح الله، يجعل هذا البلد في مرمى هذا الكيان وتحت سطوته.

 

الملفُّ الرّئاسيّ

 

ومن هنا، فإنَّنا نعيد الدَّعوة إلى إزالة كلِّ العراقيل الَّتي ما زالت تقف أمام الاستحقاق الرئاسيّ، والتي بات واضحاً أنَّها لا تُزال إلَّا بالحوار الَّذي هو السَّبيل الوحيد لبحث الخلافات وتكريس المشتركات، ما يسهم في التخفيف من الهواجس الموجودة بين اللّبنانيّين، والاقتراب من التَّوافق على حلٍّ للاستحقاق الرئاسي الَّذي تفرض المصلحة الوطنيَّة عدم التأخير في إنجازه.

 

إنَّ من المؤسف أن نشهد تراخياً على هذا الصَّعيد، فيما تزداد معاناة اللّبنانيّين على الصّعيد الاقتصادي والمعيشي، بعد الغلاء الفاحش الذي ارتفع إلى عشرات الأضعاف، كما أشارت إليه الإحصاءات، في الوقت الَّذي لا تزال الرواتب بعيدة جداً عن المطلوب.

 

الدّعاء للحجَّاج

 

وأخيراً، لا بدَّ من الدّعاء للحجَّاج الَّذين بدأوا يفدون من كلِّ فجٍّ عميق، بالتَّوفيق لهم لأداء مناسكهم، وقبول طوافهم وسعيهم، وأن يعودوا إلى بلادهم سالمين غانمين، برحمةٍ من الله ورضوانه.

 

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير