اضاءات
09/12/2023

التضحية والصمود في مواجهة الظالمين

التضحية والصمود في مواجهة الظالمين

 

تجاه المواقف والأحداث يصادفنا مشفقون خائفون ، وهم صادقون في مشاعرهم ، لأنهم لايجدون ما يهديء روعهم في أحداث جسامٍ ومواقف عصيبة ، فيطلقون التحذير والتنبيه من قسوة الظالم وبطشه ، في معارك لا يرون تكافؤها ويخشون فداحتها ..ويصاحب هذه النظرة الإشفاقية  سيل من الحب والإكبار للكلمة القوية والموقف الجسور ..

وإزاء هذا الإشفاق موقفان مقنّعان يتلفعان  بالإشفاق تجاه المواقف المصيرية والبطولية والجسورة ، وهما ينطلقان من منطلقين :

الأول : منطلق إنتهازي يدفع الخسارة لحساب المصالح الخاصة والضيّقة ، أو لضعف نفسي يُبرّر بما هو عام أو عقلائي .

الثاني: منطلق سياسي سلطاني ، يترجم مواقف سلطانية معيّنة بلغةٍ أخرى ، وهي لغة الإشفاق والخوف على الضحية والمظلوم ..

في التاريخ أشفق كثيرون على الإمام الحسين (ع) ، كان فيهم من يخشى على مصالحه والمذعور من صيحة السلطة الغاشمة ، فلا هو قادر على المواجهة ، ولا هو تطيب نفسه بكلمة ٍ جرئية لغيره . وكان فيهم ترجمان السلطان ولسانه ، يخوّف هذا ويجبّن ذاك . هو صدى السلطة بلسان الإشفاق.

وفي التاريخ المعاصر مازلنا نسمع كلمات الإشفاق على المرجع الشهيد محمد باقر الصدر ، وهو أعزل لايملك سوى الكلمة ، ولا يظن أحدٌ أنه قادر على الإطاحة بسلطة البعث ، فكان للمشفقين همس ، ولبعضٍ آخر لمز ..

عمليات طوفان الأقصى لها نصيب من هذه النظرية ، فكيف لهؤلاء المقاتلين مواجهة جيش قاهر وقوّة عاتية ؟ وماذا لو ردّت هذه القوة العاتية على الأبرياء بردّ ماحق ؟ وكأنها قبل ذلك كانت تمارس اللطف والرفق !

ثمّ ، متى كانت معارك المظلومين مع الجبارين متكافئة ؟! إنها معارك ربما تبدأ بكلمة  ، ثم تعصف وتشتد ، فتكون من بعدُ إعصارا .

طوفان الأقصى تحوّل معجز  ، وهو بدأ يكشف عن قدراتٍ هائلة وجبارة ، كما إنه كشف عن مواضع ضعف لدى العدو تعيد خارطة المعركة ، لأنّ التكافؤ له حسابات مختلفة ، وها هو بدأ يتحقق بجهدٍ متراكم …هذا الطوفان ليس من الضروري أن يحسم المعركة الآن وفي الزمن المنظور ، ولكنه وضع حجر الأساس لموازين جديدة في المنطقة..

كلمات الإشفاق التي راجت على بعض الصفحات معلومة المصدر ، واضحة الأهداف، سافرة عارية..

 
السيد محمد الحسيني
اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير