وجاء في الخطبة الأولى :
قال الله سبحانه: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}(آل عمران: 175). صدق الله العظيم.
الخوف حالة إنسانيَّة نجدها لدى كلّ البشر، ومن دون استثناء، وهو أمر مفطور عليه الإنسان، فمن الطّبيعيّ أن يخاف الإنسان إن تعرَّض له من يهدِّد حياته أو صحَّته أو كرامته أو مصالحه، أو أن يصاب بفقر أو بلاء أو مكروه.
وهذا ما تحدَّث عنه القرآن الكريم بكلِّ وضوح عند حديثه عن الإنسان، فقال: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً}.
الخوفُ المحمود
والخوف، أيُّها الأحبَّة، ليس أمراً سلبياً أو مستنكراً أو مدعاةً لإدانة الإنسان عليه، بل قد يكون واجباً ويثاب عليه، وخصوصاً عندما يكون الخوف من الله عزَّ وجلَّ، حيث يقول الله سبحانه في كتابه العزيز: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}.
فالخوف إن حصل، يدفع بالإنسان إلى أن يتَّقي المكاره، وإلى حماية نفسه من المخاطر الَّتي يتعرَّض لها، وأن يقوم بالواجبات ولا يقع في الحرام. لكنَّ الخوف قد يصبح سلبياً ومستنكراً ومداناً، وقد يصبح مدمِّراً، إن هو تملَّك بالإنسان، وأدَّى إلى شلِّ إرادته، ودفعه إلى اتخاذ قرارات لا تتفق مع قيمه ومبادئه وحريته وكرامته، أو إلى التخلي عن المسؤوليات والواجبات الملقاة على عاتقه تجاه نفسه أو مجتمعه أو وطنه أو أمَّته.
لذا، عمل الإسلام على معالجة هذا الخوف، فدعا الإنسان أوَّلاً إلى أن يتقي ما أمكن مما قد يؤدّي إليه، وثانياً إلى التَّدقيق في أسبابه، فليس كلّ خوف يؤخذ به أو يبنى عليه، فهناك من الخوف ما هو وهم وغير واقعيّ، وينبع من الجهل بحقيقة ما يُخَاف منه، كالَّذين يخافون من السِّحر أو صيبة العين، أو من الجنّ، أو من بعض الأعداد والأرقام أو الحيوانات، وما ورد في ذلك من قصص تندرج في عداد الأساطير، أو من روايات غير صحيحة، والتي تخوِّف الإنسان حتى المؤمن مما سيجري له بعد الموت أو عندما يقف بين يدي الله، بحيث يفقد معها الإحساس برحمة الله الَّتي وعد بها عباده...
وقد يعود الخوف إلى ما نشهده من توهّم القوَّة المطلقة لدى من يدَّعونها، من دون الأخذ في الاعتبار مواقع ضعفهم، أو حضور الله سبحانه في ساحة الحياة.
السَّبيلُ لمواجهةِ الخوف
وقد أشار القرآن الكريم إلى أنَّ الخوف هو أحد أبرز أساليب الشَّيطان، والتي يهدف منها إلى أن يدفع بالإنسان إلى الخيارات الَّتي يريدها، وأن يبعده عمَّا يدعوه إليه الله سبحانه: {ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ}، وعندما قال: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً}.
ومن هنا، كانت دعوة الله القرآن الكريم الناسَ، أوَّلاً، إلى أن يكونوا واعين، بأن يدقِّقوا في الأخبار الَّتي ترد إليهم وتسبِّب خوفهم، بأن يرجعوا فيها إلى من يملكون معرفة حقائق الأمور، لا الذين يزيدونهم خوفاً أو يريدون هزيمتهم نفسياً، ليكونوا على بيِّنة من حقائق الأمور، وهذا ما أشار إليه الله: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}.
ودعاهم في كلِّ ذلك إلى اللجوء إلى الله والركون إليه والاستناد إليه، وأن يثقوا بأنَّه قادر على تغيير الواقع الَّذي هم عليه، وهذا ما أشار إليه في سورة العلق، عندما دعا الَّذين يخافون من كلِّ الشّرور التي قد تلحق بهم الأذى، أو تلك الَّتي تتلاعب بمصائرهم، أن يحصِّنوا أنفسهم بالارتباط بالله، ويستعيذوا به سبحانه وتعالى من كلِّ شر، عندما قال لهم: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} .
واللّجوء إلى الله يكون بذكره، وباستحضار قوَّته وعظمته وعلوّه وقدرته وهيمنته على الأمر كلّه، والَّذي وعد مَنْ يذكره بذكره لهم، ويكون بدعائه الَّذي وعد فيه بالإجابة، ويكون بالتوكّل عليه والاستناد إليه، والله عند وعده، فهو وعد من يذكره ويدعوه ويتوكَّل عليه، أن يكون ناصراً له ومؤيِّداً ومعيناً وباعثاً للسَّكينة في قلبه، والله لا يخلف وعده.
من نتائجِ اللّجوءِ إلى الله
والأمثلة على ذلك كثيرة، نذكر منها:
المثال الأوَّل: هو حديثه مع النبيَّين موسى وهارون (ع)، بعدما أبديا له خوفهما من فرعون وبطشه، إن هما دعواه إلى ترك ظلمه وجوره وطغيانه، فقال لهما مطمئناً: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}.
المثال الثَّاني: حدث مع رسول الله (ص)، لما هاجر من مكَّة إلى المدينة، ولاحقته يومها قريش، وكادت تصل إليه وهو في الغار، يومها خاف من كان معه، فقال له رسول الله (ص): {لَا تَحْزَنْ - يعني لا تخف - إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
المثال الثَّالث: حصل بعد النَّكسة التي تعرَّض لها المسلمون في معركة أحد، يومها، وبعد عودتهم إلى المدينة ووصولهم إليها، جاءهم خبر أنَّ أبا سفيان قرَّر أن يهاجم المدينة، مستفيداً من الخيبة التي تعرَّض لها المسلمون، والهزيمة النفسية التي حصلت لهم، يومها، خرجوا جميعاً، حتى الجرحى منهم، لمواجهة ما سيقدم عليه أبو سفيان، وقد أشار الله عزَّ جلَّ إلى ذلك، فقال: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}.
الصَّبرُ أمامَ الابتلاءات
أيُّها الأحبَّة: إنَّ من طبيعة الحياة أن نتعرَّض للخوف، وأن نعاني فيها الجوع والنقص في الأموال والأنفس والخيرات، وقد كان الله واضحاً من أنَّ مثل هذه الابتلاءات مما سيتعرَّض لها الإنسان، وقد أشار إلى ذلك بقوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ}.
لكنَّ الله لم يشأ لنا أمام هذه الابتلاءات أن نضعف ونهزم ونجزع ونتراجع عن مبادئنا وقيمنا، بل أراد منَّا أن نتحلَّى بالصَّبر والثَّبات بالشكل الذي يجعلنا نفكِّر تفكيراً سليماً يدفعنا إلى دراسة الأسباب، والعمل على معالجتها بالصّورة التي أشار إليها، لنحظى بما يحظى به الصَّابرون: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}، وعندما قال: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الخطبة الثّانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي بما دعا إليه رسول الله (ص) أبا ذرّ الغفاري، حين قال: "أمرني ربّي بحُبِّ المساكينِ والدُّنُوِّ منهم... وأمرني أن أَصِلَ الرَّحِمَ وإن أَدْبَرَتْ، وأمرني أن لا أسألَ أحدًا شيئاً، وأمرني أن أقولَ بالحقِّ وإن كان مُرًّا، وأمرني أن لا أخافَ في اللهِ لومةَ لائمٍ، وأمرني أن أُكْثِرَ من قولِ: لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ".
إنَّنا أحوج ما نكون إلى الاستهداء بهذه الوصايا الَّتي هي وصايا النبيّ لنا، والأخذ بمضامينها، لنكون معبِّرين حقيقيّين عن انتمائنا إلى رسول الله، وعن التزامنا بما جاء به قولاً وعملاً، ونكون بذلك أكثر وعياً وأقدر على مواجهة التحدّيات.
الحربُ المستمرَّة على غزَّة
والبداية من فلسطين، حيث يستمرّ العدوّ الصهيوني في حربه المجنونة الَّتي تستهدف الحجر والبشر، والّتي لم تعد تقتصر على ما يجري في غزَّة، بل تعدَّت ذلك إلى مدن الضفَّة الغربيَّة ومخيَّماتها، وهو يستفيد في ذلك من الضَّوء الأخضر الذي أعطي له من الإدارة الأميركيَّة، والدَّعم غير المحدود الذي يحظى به منها، وإذا كان من لوم أو نقد نسمعه من الرئيس الأمريكي أو أيّ من أركان إدارته، فهو يهدف إلى كسب أصوات الناخبين الأمريكيّين الَّذين يؤيّدون القضية الفلسطينيَّة، أو الَّذين يرفضون الحرب الَّتي تدار على الشعب الفلسطيني، والَّذي لم يصل إلى حدِّ ممارسة الضّغط على الكيان الصهيونيّ، ولن يصل إليه... فيما المفاوضات التي لا يزال هناك من يراهن عليها، ويسعى إلى أن ينفخ الرّوح فيها، وإبداء التفاؤل حولها، رغم المرونة التي أبداها المفاوض الفلسطيني، لا تزال أسيرة الشروط التعجيزيَّة التي يصرّ عليها رئيس وزراء العدوّ، بعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا الَّذي يمثِّل الشريان الحيويّ لغزّة، وعلى تقطيع أوصال القطاع، وعدم السَّماح للشعب الفلسطيني بحريَّة الحركة داخله، من دون أن يأبه في ذلك لضغوط الدَّاخل، وللأصوات التي تعلو من الخارج وتدعوه إلى الانصياع لها.
ثباتُ الشَّعبِ الفلسطينيّ
في هذا الوقت، يستمرّ الشَّعب الفلسطيني على صبره وثباته في الميدان، برغم المجازر والآلام والحصار والتّضييق الَّذي يعانيه، والإذلال الذي يتعرَّض له، والإمكانات المتواضعة الَّتي يملكها، سواء عبر المواجهات التي تحصل يومياً في غزَّة، أو في العمليات البطولية التي شهدناها في الضفَّة الغربيَّة.
ونحن أمام ذلك، نحيّي صمود هذا الشعب والبطولات التي يسطّرها، والتي تمنع العدوَّ من تحقيق أهدافه، وأن يعلن الانتصار الذي يسعى إليه، وهي استطاعت أن تنقل المعركة إلى داخل كيانه، والتي نشهدها في الانقسام الدَّاخليّ، وفي الاستقالات التي وصلت إلى المؤسَّسة العسكرية عنده.
وهنا، نجدِّد دعوتنا إلى وحدة الساحة الفلسطينيَّة بكلِّ مكوِّناتها وفصائلها، إذ لم يعد خافياً على أحد، أنَّ هذا الكيان يسعى للإجهاز على الشَّعب الفلسطيني، وإنهاء القضيَّة الفلسطينية واستئصالها من جذورها، وهو إن هادن فريقاً رغبةً بتحييده، أو لكونه يحتاج إليه والتنسيق معه، فسيعود بعدها للإجهاز عليه بعد أن ينهي معركته الأولى، ودائماً نستحضر المثل: "أكلت يوم أكل الثَّور الأبيض".
كما نجدِّد دعوتنا الدول العربية والإسلامية وشعوبها، أن لا يتكرَّر في الحاضر ما حصل في نكبة 1948 وما قبلها أو ما بعدها، وحتّى لا تدان وتتحمَّل أوزار هذا التخلّي أو التقصير في حماية هذا الشَّعب، كما ندين نحن الَّذين تخلّوا أو قصّروا في ذلك الوقت.
مسؤوليَّةُ مساندةِ المقاومة
ونصل إلى لبنان الَّذي يستمرّ فيه العدوّ باعتداءاته التي لا يتوانى فيها عن استهداف المدنيّين، والتهديم المتعمَّد للبيوت، وإتلاف المزروعات والأراضي الحرجيَّة، فيما تستمرّ المقاومة بالقيام بمسؤوليَّتها في مواجهة هذا العدوّ، على قاعدة السنّ بالسنّ، والعين بالعين، فيما يقدِّم شعبها وتقدِّم في ذلك التضحيات الجسام.
ومن هنا، نؤكِّد على اللبنانيّين الوقوف صفاً واحداً في مواجهة عدوّ جرَّبوه وخبروه بأنَّه لا يريد خيراً للبنان وللّبنانيّين جميعاً، ويرى هذا البلد نقيضاً لكيانه ويعمل لإضعافه.
وإذا كان هناك من خلافات بين اللّبنانيّين، فليس الآن هو الوقت المناسب لطرحها أو السّجال حولها، ولتتوجَّه كل الجهود لإسناد المقاومة وتعزيزها، لمنع العدوّ من تحقيق أهدافه وفرض شروطه، والَّتي هي لحساب كيانه ومستوطنيه، وعلى حساب لبنان واللبنانيّين، ويبقى المجال واسعاً للحديث عن كلِّ شيء، وإدارة الحوار حوله بعد الانتهاء من هذه المعركة.
الأزماتُ.. والتَّكافل
ونبقى في هذا البلد، لنعيد التَّأكيد على ضرورة العمل الجادّ لمواجهة الأزمات المعيشيَّة والحياتيَّة التي يعانيها اللبنانيون، والتي نشهدها اليوم مع بدء عام دراسيّ جديد بكلِّ أعبائه وتبعاته، في ظلِّ ارتفاع الأقساط، وحتى الرسوم التي تفرض من المدارس الرسميَّة والكتب والقرطاسيَّة والنقل، والتي تضاف إلى كلِّ الأعباء التي يعانيها اللبنانيون على كلِّ الصعد الأخرى، وحتى من الدولة الّتي تدرس في موازنتها الجديدة فرض أعباء إضافيَّة على اللّبنانيين من جيوبهم، ما يدعو القوى السياسيَّة إلى القيام بمسؤوليَّتها لإيجاد حلول تساهم في إخراج هذا البلد من حالة التردّي هذه، والتي تهدِّد مصيره، وهم قادرون على ذلك إن أدوا دورهم وتوحَّدوا جميعاً لخدمته وخدمة إنسانه، وخرجوا من حساباتهم الخاصَّة ومصالحهم الفئويَّة.
وفي الوقت نفسه، ندعو إلى تعزيز التَّكافل الاجتماعي بين اللّبنانيّين لمواجهة أعباء هذه المرحلة، ولا سيَّما أولئك الَّذين يعانون أزمة النّزوح من المناطق التي تتعرَّض لاعتداءات العدوّ الصهيونيّ.
الرّهانُ على القضاء
أمَّا على الصّعيد القضائي، فإنَّنا نأمل أن يكون الإجراء القضائي مع حاكم مصرف لبنان الذي كنَّا نطالب به، هو بداية الطَّريق في محاسبة من يتولَّون مواقع المسؤوليَّة ممن أوصلوا البلد إلى المنحدر الَّذي وصل إليه، حتى يعرف اللبنانيّون أين ذهبت أموالهم وودائعهم.
ومن هنا، ندعو القضاء إلى أن يتابع دوره على هذا الصَّعيد، وأن لا يخضع في ذلك للإملاءات السياسيَّة وللضّغوط التي ستمارس عليه لتمنعه من الوصول إلى الحقيقة، حتى يستعيد اللّبنانيّون ثقتهم بالقضاء، وأنَّهم في بلد يحكمه القانون، وينعم بالمحاسبة التي تجري على الجميع، والذي لا يفرَّق فيه بين ابن ستّ وابن جارية.