هل من فرق بين الفائدة الّتي تدفع للمصارف والرّبا؟!

هل من فرق بين الفائدة الّتي تدفع للمصارف والرّبا؟!

!

استشارة..

لقد قرأت على موقع بيّنات أنه "يجوز للمكلَّف الاقتراض من المصارف إذا لم يكن قاصداً دفع الفائدة". ولكن هذا لا معنى له، ففي الغرب، لن تتطوَّر اقتصاديًّا أبدًا إذا لم تحصل على قرض من نوعٍ ما، حيث تستحقُّ الفائدة على القروض الطلابيَّة بعد التخرّج. هناك فائدة للقروض العقاريّة، وغالبًا ما يكون القرض العقاريّ أفضل من دفع الإيجار.

هذه قضيَّة مهمَّة للغاية ومعقَّدة. الرِّبا مختلف تمامًا عن الفائدة. وأنا أعلم على الأقلّ في كندا، بموجب القانون، يوجد حدود للفائدة التي يدفعها الفرد أو المؤسَّسة، فالمال هناك يتمّ التّعامل معه كسلعة. ومثلما يحتاج المرء إلى الرّبح عند بيع سلعةٍ ما، ينبغي أن يكون للبنك أو لأموال الإقراض الفرديّ الحقّ في كسب ربح (عادل).

فإذا كان معدَّل التضخّم 3٪ سنويًّا، فكيف يكون من المنطقيّ إقراض الأموال دون فائدة عند السَّداد، ما يعني من الناحية التقنيّة، أنّ المقرِض يخسر المال؟!

وجواب..

لقد دعا الإسلام إلى القرض وحثَّ عليه، واعتبر ثواب القرض أكبر من ثواب الصدقة، ولكنه حرَّم الفائدة عليه.

وهذا يعود إلى أمرين؛ الأول: هو حرصه على تعزيز التعاون الاجتماعي، فمن يملك مالاً لا بدّ من أن يساعد من لا يملكه، لا أن يستغلّه.

ولذلك ورد في عِلّة تحريم الرِّبا: "لئلا يتمانع النّاسُ المعروفَ"، أي حينها سيمتنع الناس عن فعل المعروف للآخرين في المجتمع.

أمّا الثاني: فهو يرى أنّ المال لا بدّ من أن يحصل عليه مع العمل ببذل المال فقط، ولهذا استُبدل الرّبا بالمضاربة، وهي أن يكون لدى أحد مال والآخر لديه عمل، فيتوافقان على التشارك على أن يتحمّل كلّ منهما الربح والخسارة، بخلاف الرّبا الذي يأخذ المال حتى لو لم يستفد منه الآخر أو عند حصول الخسارة له. ولكن يجوز للمقرِض أن يحافظ على ماله خشية تغيرات الوضع الاقتصادي. ولذلك يمكنه من الأساس أن يقول للمقترض ردّ لي مالي مثلاً بالذّهب أو بالدولار أو اليورو أو حتى بسلعة معيّنة، (طبعاً تقوَّم بحسب قيمة المال الذي يراد اقتراضه).

ولا أعتقد أنَّ الهدف من الفائدة غالباً هو مراعاة التضخّم، لأنَّ الفائدة التي تدفع لا يؤخذ التضخّم في الاعتبار في تحديدها، وإنما العرض والطلب والتّداول المالي في السوق. وعلى كلٍّ، إذا أراد المقرِض ألّا يتعرّض للخسارة، فالبديل موجود في الإسلام، وهو المضاربة التي أشرنا إليها.

المجيب عنها: سماحة السيّد علي فضل الله.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير