21/02/2025

قصَّةُ موسى (ع) معَ فرعون: الانتصارُ للمستضعفين في الأرض

قصَّةُ موسى (ع) معَ فرعون: الانتصارُ للمستضعفين في الأرض

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين…



وجاء في الخطبة الاولى :
 

 

قال الله سبحانه وتعالى: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُون}. صدق الله العظيم

 

الوعدُ بانتصارِ الحقّ

 

من السّنن الَّتي أجراها الله في عباده، والَّتي أشار سبحانه وتعالى في الآية الكريمة إلى أنَّ إرادته تتحقَّق فيها، هي سنَّة انتصار الحقّ على الباطل، والعدل على الظّلم، والاستضعاف على الاستكبار… ولكنَّها ككلّ سنن الله في خلقه، تجري بأسبابها، وهي ستحصل عندما يقوم أتباع الحقّ والعدل بدورهم في مواجهة الباطل والطّغاة والظَّالمين، وعندما لا يستكين المستضعفون لاستضعافهم، ولا يرونه قدراً لا خروج منه

 

وقد قدَّم القرآن الكريم العديد من النَّماذج التي وقفت في وجه الطغاة والمستكبرين، وحظيت بتأييد الله ونصره وإعزازه. ومن أكثر النَّماذج ذكراً في القران الكريم، أنموذج النبيّ موسى(ع) في مواجهته لفرعون.

 

موسى (ع) بمواجهةِ فرعون

 

وقد برز هذا الأنموذج وقام بدوره بعد الطّغيان والعلوّ والاستكبار الَّذي عبَّر عنه فرعون، والذي دفعه إلى أن يقتل ويذبح ويستهين بأعراض النَّاس وأرواحهم وأموالهم… وقد بلغ به فائض القوَّة إلى أن يُعلن وأمام الملأ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}، {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}… وبلغ به الاستبداد والاعتداد بنفسه إلى أن يقول: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}، حتَّى طأطأ النَّاس لفرعون رؤوسهم وأطاعوه خوفاً وخشية، بعد أن استخفَّ بهم، وهو ما أشار الله عزَّ وجلَّ بقوله: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ}.

 

وفي مواجهة ذلك، لبَّى النَّبيّ موسى (ع) نداء الله له ولأخيه هارون الَّذي كان سنداً له في هذه المواجهة، عندما قال لهما: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، رغم معرفتهما لما قد يؤدّي إليه ذلك.

 

وفي ذلك إشارة من القرآن الكريم إلى أنَّه في البداية، لا بدَّ من اتباع أسلوب الحوار والإقناع وإقامة الحجَّة والدَّليل مع الطرف المقابل، حتَّى لو كان طاغية بحجم فرعون، ففي منهج الأنبياء، الحوار هو الأساس، والإصرار عليه هو المبدأ، أمَّا المواجهة، فتأتي بعد استنفاد فرص الحوار والإقناع لحسم الخلاف.

 

ولكن، وككلّ الطَّواغيت، يستخفّ فرعون الغارق في أوهامه بموسى وهارون (عليهما السَّلام)، من بعد أن أعمته قصوره وخدمه وحشمه وضخامة جيشه وملكه المترامي عن رؤية الحقيقة، فاستسلم لغروره، وعبَّر عنه في حديث مع قومه: {يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ}، وقد عبَّر عن استخفافه بموسى (ع) بقوله: {مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ}

 

لكنَّ النَّبيَّ موسى (ع) لم يأبه بكلّ هذا، ولم يجعله ذلك يتراجع عن دعوة فرعون إلى أن يرفع الظّلم والقتل والاستبداد عن المستضعفين من قومه.

 

الإصرارُ على الاستعلاء

 

بعد ذلك، أظهر الله المعجزات، عندما ألقى موسى (ع) عصاه أمام فرعون وملئه، فإذا هي ثعبانٌ مخيف، ثمَّ أدخل يده في جيبه، ثمَّ نزعها، فإذا هي بيضاء تشعّ نوراً عمَّ أرجاء المكان.

 

كان ذلك كافياً لجعل فرعون يفكّر ويعيد حساباته، لكنَّه على العكس من ذلك، سارع إلى ردّ هذا التّحدّي بمنطقه الاستعلائيّ، متجاهلاً معجزة موسى، فصنَّفها في خانة السّحر، وأرسل إلى المدائن ليأتوه بكلّ ساحر عليم {ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ}.

 

وجرى ما جرى من انتصار كبير لموسى ورسالته بعونٍ من الله، ولا سيَّما بعد أن أخذ النَّاس الَّذين هزَّتهم هذه المعجزة الإلهيَّة يفكّرون في دعوة موسى (ع)، وبعد أن رأوا أنّه حتّى السَّحرة الَّذين ربَّاهم فرعون على يديه، يعلنون إيمانهم، وعلى أعين النَّاس جميعاً، غير عابئين بجبروت فرعون، وكان ما حدث من بداية تحوّل في الوعي والموقف.

 

لكنَّ فرعون، كدأب ضعاف الحجَّة، ما كان منه إلّا أن ردَّ على البيّنة والدَّليل القاطع بإثارة الهواجس الَّتي لا أساس لها، فعمل على جبهتين للتَّأثير في أتباع النّبيّ موسى، فمن جهة، سخّر أبواقه الإعلاميَّة بهدف تغيير الحقائق: {إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}، ومن جهة ثانية، لجأ إلى التَّهديد والوعيد، وقرَّر لذلك أن يلجأ إلى الضَّغط على أتباع النبيّ موسى (ع) والمؤمنين برسالته، لعلَّ هذا يضعف موقف النبيّ موسى ويؤذيه، ويكون سبباً لتراجعه عندما يرى ما يحلّ بالمؤمنين من حوله، وهم يُحارَبون في أرزاقهم وأبنائهم وأعراضهم: {اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ}.

 

التَّمادي في الطّغيان

 

ورغم كلّ مؤشّرات السّقوط الَّتي تجلَّت بالبطش والتَّحريض والتَّداعيات الَّتي أدَّت إليها ممارساته التَّعسّفيَّة والظَّالمة، ظلَّ فرعون يتمادى في طغيانه. عندها جاء النّداء الإلهيّ إلى موسى لإنقاذ المستضعفين والمؤمنين من قومه، وتحريرهم من نير فرعون، والخروج بهم إلى ساحة أخرى يعيشون فيها إيمانهم وحرَّيتهم وكرامتهم.

 

عندما عرف فرعون بخطَّة موسى (ع)، دفعه جبروته وغطرسته إلى ملاحقة النّبيّ ومن معه لإعادتهم إلى العبوديَّة، وكلّه ثقة بالقضاء عليهم بسبب استهانته بهم، والَّذي عبَّر عنه بقوله: {إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ}.

 

بينَ نجاةٍ وهَلَاك

 

ولما وصل فرعون مع جنوده إلى حيث كان النبيّ موسى (ع)، وكان قد شارف على الوصول إلى البحر، دبَّ الهلع والخوف في قلوب بني إسرائيل، وقالوا: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}. لكنَّ النَّبيَّ موسى (ع) الواثق من نصر ربّه وتأييده له، قال لهم: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}.

 

وجاءه النّداء أن: {اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ}، ليتحوَّل البحر إلى يابسة لتعبر أنت ومن معك {وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ}

 

وأمام هذه المعجزة الصَّارخة، كان يمكن لفرعون أن يتَّعظ أو يتراجع، ولكنَّه أكمل ما بدأ به، فأطبقت عليه المياه وعلى جنوده بتسديد من الله. وفي هذه اللَّحظة فقط، أي بعد فوات الأوان، يستفيق فرعون من غروره، ويكتشف الحقيقة الَّتي لم يحسب لها حساباً، فيصرخ معلناً أنَّه من المسلمين {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}،  ويأتيه النّداء أن لا فائدة من ذلك {الآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}، {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}.

 

الأرضُ للمستضعفين

 

أيُّها الأحبَّة: لم تكن هذه القصَّة بدعاً من الأحداث الَّتي تنتصر فيها إرادة الحقّ على الباطل، والعدل على الظّلم، والاستضعاف على الاستكبار، وهي قد تتمثَّل بشخصٍ يمثّل فرعونُ نموذجَه الصَّارخَ، كما في كلّ الَّذين يعملون بنهجه، ويأخذون بمنطقه الاستعلائي والاستكباري.

 

إنَّ الَّذي وعد الله به نبيَّه موسى وأخاه هارون، عندما قال لهما: {إنَّني مَعَكُمَا أَسْمَع وَأَرَى}، سيبقى هو الوعد الإلهيّ الدَّائم للمستضعفين في مواجهة كلّ هؤلاء الفراعنة، وفي كلّ مرحلة من مراحل الزَّمن، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مما وعد الله به عزَّ وجل عباده: {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}.

 

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

 

الخطبة الثَّانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصانا به الله سبحانه عباده، فيما قاله لرسوله (ص) أن يبلغنا إيّاه: {قُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً}.

 

هي دعوة من الله عزَّ وجلَّ لعباده أن يعتمدوا الأحسن في القول وفي التَّعبير عن أفكارهم وآرائهم، وفي أحاديثهم وخطاباتهم وحواراتهم، التي تجري مباشرةً، أو عبر وسائلهم الإعلاميَّة ومواقع التَّواصل، بأن يدرسوا أيَّ كلمة يطلقونها في تداعياتها وآثارها، وما تؤدّي إليه من ردود فعل أو شحن طائفيّ أو مذهبيّ أو استفزاز للآخر، فلا ينطقوا إلّا بما فيه الخير والصَّلاح والإصلاح  لمجتمعهم، وبما لا يسمح للنَّافخين في نار الفتنة من شياطين الجنّ والإنس بأن يجدوا طريقاً لتحقيق أهدافهم، ومتى عملنا بذلك، سنكون أكثر وعياً ومسؤوليَّة وقدرة على مواجهة التحديات.

 

همجيَّة العدوّ.. ومسؤوليَّة الدّولة

 

والبداية من الانسحاب الأخير للعدوّ الصّهيوني من قرى الشَّريط الحدودي، والَّذي كشف بوضوح عن مدى عدوانيَّة هذا العدوّ وهمجيَّته في التَّدمير الهائل للمباني السَّكنيَّة والبنى التحتيَّة والمرافق الحيويَّة، وصولاً إلى المقابر، وتجريفه الأراضي والمزروعات، ما جعل البلدات والقرى غير قابلة للحياة.

 

لكنَّه وفي الوقت نفسه، أشار إلى مدى بسالة المقاومين حماة الأرض الَّذين ثبتوا ودافعوا واستشهدوا حبّاً بهذا الوطن الَّذي يريدونه أن يبقى حرّاً عزيزاً كريماً، ومنعاً لهذا العدوّ من أن يعبث فيه.

 

لكنَّ هذا العدوَّ لم يرد لهذا الانسحاب أن يكون كاملاً، فأصرَّ على البقاء في مواقع حدَّدها، ضارباً بعرض الحائط الاتّفاق بينه وبين الحكومة اللّبنانيَّة، سعياً منه لإبقاء سيطرته وتحكّمه بالقرى الحدوديَّة من المواقع الَّتي يتواجد فيها، ولمنع عودة الأهالي إليها، ولابتزاز الدَّولة اللّبنانيَّة على الصَّعيدين الأمني والسياسي، ودفعها لتقديم تنازلات في مقابل خروجه منها، وللإيحاء لمستوطنيه المتردّدين في العودة بأنَّ يده لا تزال الطّولى، وهو الَّذي فشل بعد حرب همجيَّة وتدمير غير مسبوق، في التقدّم أكثر من بضعة كيلومترات في الأراضي اللبنانيَّة.

 

إنَّنا أمام ما جرى، نهنّئ اللّبنانيّين على الإنجاز الَّذي تحقَّق، والَّذي ما كان ليحصل لولا التَّضحيات الجسام الَّتي بذلت من قبل المقاومين حماة الأرض، وإصرار أهالي الشَّريط الحدوديّ على العودة إليه، رغم التَّدمير وعدم وجود سبل الحياة فيها.

 

لكن تبقى المسؤوليَّة على الدَّولة اللبنانيَّة في ممارسة كلّ وسائل الضّغط على الجهات الراعية لهذا الاتفاق، لإخراج العدوّ من التلال والأراضي التي يصرّ على البقاء فيها، ولمنعه من التمادي في خروقاته التي يعلن أنَّه سيستمرّ فيها، وأن تستعين على ذلك بعناصر القوَّة التي تمتلكها، والتي هي أحوج ما تكون إليها وإلى الحفاظ عليها.

 

ومن هنا، نرى أهميَّة الموقف الرسمي الموحَّد بين الرؤساء الثلاثة، والذي تقرّر فيه اتخاذ كلّ الإجراءات على الصعيد الدولي، لفرض خروج العدوّ من النقاط الَّتي لا يزال يحتلّها، وتأكيد حقّ لبنان في اتخاذ كلّ الوسائل الَّتي تضمن تحرير كامل ترابه، وعدم بقاء العدوّ في هذه المناطق الَّتي لا يزال يحتلّها، وبسط سيادة الدولة اللبنانية عليها.

 

الوحدةُ في مواجهةِ التَّهديد

 

ونحن، على هذا الصَّعيد، كنا نأمل، ولا نزال، أن يتضمَّن البيان الوزاريّ، وبكلّ وضوح، هذا الحقّ، وخصوصاً مع إمعان العدوّ في احتلاله، وهو مَنْ لم يعلن حتَّى الآن إيقاف حربه على هذا البلد وأطماعه فيه.

 

في الوقت الَّذي نريد للشَّعب اللبناني أن يتوحَّد في موقفه لمواجهة هذا التَّهديد لسيادته وأمنه، بعدم إعطاء العدوّ أيَّ ذريعة تبرّر له استمرار احتلاله أو اعتداءاته.

 

وهنا، لا بدَّ من أن نحذّر من المحاولات الَّتي جرت وتجري للمسّ بهذه الوحدة من العدوّ الصّهيونيّ، أو ممن لا يريد لهذا البلد الاستقرار واستعادة الدَّولة لحضورها، ما يدعو إلى مزيدٍ من الوعي والتَّحصين على الصَّعيد الأمني، وتجفيف كلّ ما يساهم في الاحتقان الَّذي نخشى من تداعياته على صعيد وحدة هذا البلد وأمنه وسيادته.

 

وفاءً للشُّهداء: المشاركة في التَّشييع

 

وأخيراً، أيُّها الأحبَّة؛ سنكون بعد يومين على موعدٍ مع التَّشييع المهيب للأخوين العزيزين الشَّهيدين السَّعيدين، السيّد حسن نصر الله، والسيّد هاشم صفيّ الدّين، اللَّذين توَّجا بشهادتهما مسيرةً طويلةً من الجهاد والتَّضحية والعمل من أجل حماية هذا الوطن ومنعته وكرامة أهله وتحرير أرضه، وانطلاقاً من وعيهما لخطورة هذا العدوّ على أمن هذا البلد وسيادته وعلى الأمَّة كلّها إن تمكَّن من تحقيق مخطَّطاته وأهدافه، وإيماناً منهما بضرورة نصرة القضيَّة الفلسطينيَّة الَّتي هي قضيَّة حقّ وعدل، وأنَّ الأمَّة كلَّها ستكون في دائرة الاستهداف إن نجح العدوّ في القضاء على القضيَّة الفلسطينيَّة وتصفيتها.

 

ومن هنا، فإنَّنا ندعو اللّبنانيّين جميعاً، بكلّ فئاتهم وتنوّعاتهم، إلى المشاركة في التَّشييع، وفاءً لهما ولكلّ هذه المسيرة، مسيرة الوعي والجهاد، تعبيراً عن التَّمسّك بقيم الحريَّة والاستقلال والكرامة لهذا الوطن، في مواجهة عدوّ متغطرس لا يفهم إلَّا منطق القوَّة.

 

أيُّها الأحبّة، إنَّ وفاءنا لكلّ هذه الدّماء الطَّاهرة التي سالت على أرض لبنان وفلسطين، وفي كلّ مواقع المواجهة والتَّضحية والإباء، إنما هو بالوعي الكامل لكلّ المخاطر المحدقة بنا، أن لا نغفل عن خطر الفتنة الَّتي يعمل الأعداء على النَّفخ بها في بلادنا، وأن نأخذ بأسباب القوَّة وتعزيز الوحدة والصَّبر وتمسّكنا بأرضنا وقضايا أمَّتنا.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير