اضاءات
03/07/2024

رؤية المرجع فضل الله للصراع مع العدو الصهيوني

رؤية المرجع فضل الله للصراع مع العدو الصهيوني


في الرابع من شهر تموز 2010 رحل المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله وهو يقول لمن يدعوه للراحة في ظل ما كان يعانيه من أوضاع صحية حرجة : لن أرتاح حتى تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني .

 

وقبل تحرير الجنوب في العام في ايار من العام 2000 عندما كنا نلتقي مع السيد فضل الله ونسأله متى ستزور الجنوب كان يجيب : عندما يتحررمن الاحتلال الصهيوني وقد تحققت أمنيته وزار بلدته عيناتا في قضاء بنت جبيل بعد التحرير.

 

وفي حرب تموز 2006 وعندما كانت الضاحية الجنوبية تتعرض للقصف الإسرائيلي أصر السيد فضل الله على إقامة صلاة الجمعة في مسجد الحسنين في حارة حريك وعلى البقاء في منزله وعدم المغادرة لكن المسؤولين في المقاومة أصروا عليه للمغادرة وقد تعرض منزله لاحقا للقصف الاسرائيلي والتدمير الكامل .

 

واليوم وبمناسبة الذكرى السنوية الرابعة عشرة لرحيله نطل على رؤية السيد فضل الله للصراع مع العدو الصهيوني وعلاقاته مع قوى المقاومة في لبنان وفلسطين وكيف ينظر لمستقبل هذا الصراع .

 

المواقف المبدئية من الصراع

 

بداية كيف ينظر المرجع السيد محمد حسين فضل الله لى الصراع مع العدو الصهيوني والقضية الفلسطينية؟

 

منذ بداية اهتمامه بالشأن الديني والسياسي في النجف الاشرف (حيث ولد في ثلاثينيات القرن الماضي) كانت القضية الفلسطينية احدى ابرز القضايا التي كان يتابعها السيد فضل الله وتشير بعض المصادر المقربة منه : ان اولى القصائد الشعرية التي كتبها كانت من اجل فلسطين ، وشكّلت القضية الفلسطينية احدى ابرز الاهتمامات لدى المرجعيات الدينية في النجف الاشرف وقم وفي لبنان وكانت المواقف حاسمة وواضحة على صعيد مواجهة المشروع الصهيوني لاحتلال فلسطين وتقديم كافة أشكال الدعم للشعب الفلسطيني وقوى المقاومة .

 

وقد اعد رئيس مركز الزيتونة للدراسات والتوثيق الدكتور محسن صالح دراسة موسعة حول مواقف السيد فضل الله من القضية الفلسطينية وتم نشرها في الموسوعة الخاصة عن حياة وفكر السيد فضل الله .

 

ومن ابرز مواقف السيد فضل الله حول القضية الفلسطينية : القضية الفلسطينية هي قضية إسلامية وقضية مبدئية وقضية مركزية؛ وهو ما يعطيها أهمية وأولوية تتجاوز أي قضية أخرى في عالمنا المعاصر. ويرى أن قضية فلسطين هي القضية الأساس، وأن كل القضايا المتصلة بهذا البلد العربي أو المسلم أو ذاك، هي فرع عن القضية الفلسطينية.

 

ولذلك يقول إن "موقفنا من القضية الفلسطينية دين ندين به، وليس مجرد شعار سياسي نستهلكه اليوم لنتركه غداً". ويؤكد أن فلسطين تختصر كل القرن الذي مضى، وتختصر كل آلام الأمة، وكل أحلام الأمة "لا أحلم بدون فلسطين، وتسقط كل الأحلام عندما تسقط فلسطين… ليست معركة وليست مفاوضات، وليست تفاصيل، ففلسطين قصة أن تكون الأمة أو لا تكون".

 

وقد دعا فضل الله إلى تبني الإسلام باعتباره المنهج الأصح والأسلم لتحقيق النصر على الصهاينة؛ وقال "يوجد محور هو الإسلام في مواجهة "إسرائيل"… نحن أقوى من أي يوم لأننا مع الإسلام. معركة الإسلام السياسية هي الصراع مع "إسرائيل"، وليس هناك إسلام وحركة إسلامية سياسية خارج الصراع مع "إسرائيل".

 

وأكد فضل الله أن "إسرائيل" وجودٌ غير شرعي، لأن "إسرائيل" دولة غاصبة… "والغصب حرام كما الخمر حرام، ولن يأتي زمان يكون الغصب فيه حلالاً"؛ وأن مرور الزمن -ولو بلغ مئات السنين- لا يعطي شرعية للغصب. ويفتي ومعه إجماع علماء الأمة الثقات بحرمة التنازل عن أي جزء من فلسطين، ويبيّن أنه إذا كان من حق الإنسان أن يتنازل عن منزله فليس من حق الشعب أن يتنازل عن وطنه، لأن الوطن ليس ملك الناس في هذه المرحلة الزمنية أو تلك، بل هو ملك الأجيال كلها. ولذلك أكد السيد أن "من واجب علماء الأمة من السنّة والشيعة أن يعملوا على استعادة فلسطين بكاملها من النهر إلى البحر، وأن يعملوا على تعبئة الوجدان العربي والإسلامي في سبيل ذلك".

 

الجانب العملي والرؤية المستقبلية

 

ولم يكتف السيد فضل الله في اطلاق المواقف الفكرية والسياسية على صعيد القضية الفلسطينية بل وقف الى جانب المقاومة في فلسطين ولبنان وقدّم لها كافة أشكال الدعم السياسي والمادي والاعلامي ، وكانت تربطه علاقات قوية مع كل قيادات المقاومة الفلسطينية واللبنانية ومع قيادات حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومع حركتي حماس والجهاد الاسلامي ، وكان يشارك في المؤتمرات واللقاءات الخاصة مع كوادر المقاومة ويقدّم لهم كافة أشكال النصح والرعاية وشارك في الاعتصام الذي اقامه تجمع العلماء المسلمين ضد اتفاق 17 ايار في العام 1984 وتعرض لمحاولة اغتيال في العام 1985 بسبب دوره في دعم المقاومة ، وفي كل محطات المواجهة مع الكيان الصهيوني كان يدعم قوى المقاومة ويطلق المواقف الداعمة لها ، وفي المعارك التي خاضتها قوى المقاومة في غزة ضد العدو الصهيوني كان يعتبر تضحيات الشعب الفلسطيني هي امتداد لتضحيات الامام الحسين في كربلاء ، كذلك وقف الى جانب المقاومين في لبنان في كل المراحل الصعبة .

 

وكان السيد فضل الله يؤكد ان لا حل مع العدو الصهيوني الا المواجهة وقيام دولة فلسطين وانه ينبغي تقديم كافة أشكال الدعم للشعب الفلسطيني والمقاومة .

 

ولذلك من المهم في الذكرى السنوية الرابعة عشرة لرحيله وفي ظل معركة طوفان الاقصى والحرب على غزة استعادة مواقف السيد فضل الله ودوره في الصراع مع العدو الصهيوني لانها تشكل منهجا عمليا في هذه المواجهة الكبرى حتى تحرير فلسطين كل فلسطين.

 

قاسم قصير

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير