تربية الطفل في مراحله العمرية المتعدّدة ​

تربية الطفل في مراحله العمرية المتعدّدة  ​

استشارة تربوية حول تربية الطفل بحسب المنهج الاسلامي النبوي..


استشارة..

 

يقول النبي(ص): "الولد سيّد سبع سنين، وعبد سبع سنين، ووزير سبع سنين".

 

أطفالي الآن أعمارهم 3 و6 سنوات، وأتعب كثيراً من عراكهم وحركاتهم وتجاوزاتهم أحياناً وعنادهم وعدم التزامهم بالنّظام، حتى إنَّ الطّفل الكبير لا يحبّ الدّراسة. فما معنى الحديث؟ وكيف أطبّقه بما يتناسب مع قول الرسول(ص)؟ وما معنى السيّد والعبد في الحديث؟

 

وجواب..

 

ورد عن رسول الله(ص): "دع ابنك يلعب سبع سنين، ويؤدب سبع سنين، وألزمه نفسك سبع سنين".

 

اترك ابنك الصَّغير يمارس حريَّته في اللّعب كي ينمو جسدياً وحركياً، ويستقر نفسياً، وينفتح على العالم الخارجي ليفهمه ويعرف كيف يتعامل مع أهله وموجوداته، وهذا يفسر قول رسول الله(ص): "الولد سيّد سبع سنين"، أي أن لا تفرض قيوداً على حركته وساحة لعبه، وهذا لا يعني أن لا نرشده إلى بعض الضَّوابط والقيود الَّتي تحميه من الخطر، والَّتي ترشده إلى التَّمييز بين المقبول والمرفوض، والحسن والقبيح، والخطأ والصَّواب، وهذه أمور يجب أن نربيه عليها بالمحبَّة والعاطفة والحوار وبالحزم أحياناً. كلّ ذلك من أجل أن تتحوَّل هذه الإرشادات إلى عادات يلتزمها ويمارسها تلقائياً، ومن الطَّبيعي هنا أن نبني جسور المحبَّة مع الطّفل حتى يشعر بالخجل حينما يقدم على إغضابنا أو تجاوز إرشاداتنا، أي أن يحسب حسابات كبيرة قبل أن يقدم على معصية أوامرنا.

 

وليعلم الآباء أنَّ الأطفال في مرحلة ما قبل السّابعة، هم عبارة عن كتلة من النَّشاط والحيويَّة الزائدتين، واللتين لا بدَّ من أن تصرفا بطريقة الحركة واللعب، فالطّفل المملوء نشاطاً وحيويَّة وحركة هو الولد الطَّبيعي، والعناد في حدود الأربع سنوات هو أمر مطلوب، لأنَّه يؤكّد ثقة الطّفل بنفسه، وحبّه للاستقلال عن غيره، حيث يريد أن يعتمد على نفسه في كلِّ أفعاله، وهذا أمر ضروري لنمو الذات الاستقلاليَّة لديه. فلنصبر على حركته وعناده، ولا نعامله بالقسوة والعنف، بل بالحكمة والتَّفاهم والعاطفة، وحتى لا نثير انفعال الطّفل بالمنع والتّحدي والعنف، علينا أن نفسح له مجالاً للعب لتفريغ الفائض من حركته، ونستجيب لبعض حاجاته حتى لا يشعر بالحرمان، وأن نخفّف كثرة الأوامر والنواهي الَّتي تشعره بالقيود. أما إذا تجاوز بعض الخطوط الحمر في الممنوعات، فعلينا توجيهه وإرشاده وإظهار الغضب والتّأنيب والتَّوبيخ، وبالتالي الحرمان، حتى يتعوَّد على أن الحياة فيها مباحات وممنوعات، ولكن حذار من العقاب الجسدي الَّذي يثير فيه الخوف، ويشعره بالإذلال والهوان.

 

أما عدم الإقبال على الدرس، فهو أمر طبيعي عند الطّفل في هذه السن، لأنّه يقيّد حركته، ويمنعه من اللعب، فالطّفل يكره الحجز ويضيق بالقيود، لذا كان من الواجب على المدرسة أن تخفّف الفروض المدرسيَّة من جهة، وأن نعرف كيف نعلّمه بطريقة جذابة ومثيرة، أو ما يعرف بالتَّعليم باللعب، وأن نختار الوقت المناسب لتعليمه، يكون فيها مرتاحاً نسبياً.

 

المشكلة هنا في طرائق التّعليم التلقينيّة الَّتي تثير تعب الطّفل وملله وسأمه في هذه المرحلة.

 

لنصبر على حركته وانفتاحه ولعبه، ولنوفّر له بيئات يتحرّك فيها، ويكتشف ويتعلَّم ويجرب، ليشبع من محبّتنا واحترامنا لخصائصه وحاجاته، ولنحذر من استخدام القسوة والعنف والإذلال، بكلّ ذلك نضمن له تربية صالحة تجعل منه شخصيَّة واعدة في المستقبل.

 

 

المجيب عن الاستشارة: الدكتور محمَّد رضا فضل الله، خبير وباحث تربوي ومؤلف، مدير سابق في الإشراف التربوي في جمعيَّة التّعليم الديني وجمعيَّة المبرات الخيريَّة.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير