وجاء في الخطبة الاولى :
قال الله سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}.
وقال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}.
في رحابِ شهرِ شعبان
لقد خلق الله الزَّمن للإنسان، ومن رحمته أن أودع فيه محطّات روحيَّة وإيمانيَّة وتربويَّة، وهي محطات هيأها الله لنا ودعانا إلى اغتنامها والاستفادة منها.
ونحن في هذا اليوم، دخلنا في رحاب محطَّة جديدة من هذه المحطَّات، وهي شهر شعبان، هذا الشهر الذي اكتسب قيمته بأن نسبه رسول الله (ص) إليه من بين كلّ شهور السنة، في إشارة منه إلى فضله وبركته وأهميَّته.
فقد كان رسول الله (ص) إذا دخل شهر شعبان، يأمر منادياً في المدينة، أن ينادي في أزقَّتها وشوارعها باسم الرسول: “يا أهل يثرب، إنّي رسول الله إليكم، ألا إنّ شعبان شهري، فرحم الله من أعانني على شهري”.
وفي ذلك، يقول أمير المؤمنين (ع): “ما فاتني صوم شعبان وقيامه منذ أن سمعت منادي رسول الله (ص) ينادي في شعبان”.
وقد أشار الإمام زين العابدين (ع) إلى ما كان عليه رسول الله (ص) في هذا الشَّهر، في دعائه الذي يستحبّ أن يقرأ عند زوال كلّ يوم من أيامه: “اللهم وهذا شهر نبيّك سيّد رسلك، شعبان، الَّذي حففته منك بالرَّحمة والرضوان، الذي كان رسول الله (ص) يدأب في صيامه وقيامه، في لياليه وأيامه، بخوعاً لك في إكرامه وإعظامه، إلى محلّ حمامه”، وهو بعد ذلك يدعونا إلى أن نتوجَّه إلى الله عزّ وجلّ، حتى يعيننا على الاستنان بسنَّته فيه، ونتزوَّد من معين هذا الشَّهر، فيقول:ظ “اللّهمَّ وأعنّا على الاستنان بسنَّته فيه.. حتى ألقاك يوم القيامة عني غاضياً، وعن ذنوبي قاضياً، قد أوجبت لي منك الرحمة والرضوان، وأنزلتني دار القرار، ومحلّ الأخيار”.
أعمالُ الشَّهر
وقد أوردت الأحاديث في هذا الشَّهر العديد من الأعمال، والتي ينبغي الحرص عليها.
فقد ورد في هذا الشَّهر الأحاديث الشَّريفة التي حثَّت على الصّيام فيه، ويقصد به الصّيام المستحبّ؛ صيام كامل الشَّهر أو بعض أيَّامه، أوَّله ونصفه وآخره، أو الأيَّام البيض منه، الثَّالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، أو صيام الإثنين والخميس منه، مما كان يحرص عليه رسول الله (ص)، فقد كان يحرص على أن يصوم كلّ شهر شعبان، ويصله بشهر رمضان، وكان يقول في ذلك: “صوم شهرين متتابعين توبة من الله”.
وهذا الشَّهر أيضاً هو شهر الاستغفار لله من الذنوب والآثام، أو من التقصير في أداء الواجبات والقيام بالمسؤوليات التي أوجبها الله على عباده، سواء تلك التي تتعلق بالعلاقة به أو بالناس الأقربين أو الأبعدين، وقد ورد في ذلك، أن يستغفر الإنسان في هذا الشَّهر كل يوم سبعين مرَّة، قائلاً: “أستغفر الله الَّذي لا إله إلا هو الرَّحمن الرَّحيم الحيّ القيوم وأتوب إليه”.
وقد حثّت الأحاديث على الصّدقة في هذا الشَّهر، فقد ورد عن الإمام الصَّادق (ع): “من تصدّق بصدقة في شعبان، ربّاها الله تعالى له كما يربّي أحدكم فصيله، حتى يوافي يوم القيامة وقد صارت له مثل جبل أُحُد”.
والصَّدقة، أيُّها الأحبّة، لا تقف عند حدود بذل المال للفقراء والمساكين وذوي الحاجة من الأيتام والمعوقين والمسنين، وإن كان ذلك أبرز مظاهرها، لكنها تتعدَّى ذلك إلى ما ورد في الحديث عن رسول الله (ص)، عندما قال لأصحابه: “كلّ معروف صدقة.. إماطتك الأذى عن الطَّريق صدقة، وعيادتك المريض صدقة، وتبسّمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، وردّك السَّلام صدقة، والكلمة الطيّبة صدقة، وكلّ خطوة تخطوها إلى الصَّلاة صدقة، ومبادلتك الإساءة بالإحسان صدقة”.
ومن أعمال هذا الشّهر، الإكثار من ذكر الله، أن يكون فيه الإنسان من الذاكرين الله كثيراً، وأفضل الذّكر الذي ورد في هذا الشَّهر: “سبحان الله، والحمد لله، لا إله إلا الله، والله أكبر”، والقول: “لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إيّاه، مخلصين له الدين ولو كره المشركون”.
ومن أبرز ما ورد الحثّ عليه في هذا الشّهر، الدّعاء لله ومناجاته، ومن ذلك المناجاة الشعبانية لأمير المؤمنين (ع)، التي كان أئمَّة أهل البيت (ع) يتناقلونها الواحد عن الآخر لأهميَّتها؛ ففي هذه المناجاة، تفيض مشاعر الحبّ لله، والإحساس بفضله ورحمته وعطائه، والتي لا تقف عند الحياة، بل تمتدّ إلى ما بعد الممات. ففي فقرة منه، يقول:
“إِلـهي، لَمْ يَزَلْ بِرُّكَ عَلَيَّ أَيّامَ حَياتي، فَلا تَقْطَعْ بِرَّكَ عَنّي في مَماتي، إِلـهي! كَيْفَ آيَسُ مِنْ حُسْنِ نَظَرِكَ لي بَعْدَ مَماتي، وَأَنْتَ لَمْ تُوَلِّني إلَّا الْجَميلَ في حَياتي”.
ليلةٌ مباركة
وقد أكَّدت الأحاديث الشريفة أهمية إحياء ليلة النصف من شهر شعبان، والَّتي لا بدَّ أن نكون حريصين على أن نجتمع لإحيائها. وما يزيد هذه الليلة شرفاً، أنها الليلة التي ولد فيها الإمام المهدي المنتظر (عج). وهناك العديد من الأعمال الَّتي وردت في هذه الليلة؛ فقد ورد في الحديث عنها: “أنَّها أفضل الليالي بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله، ويغفر لهم بمنِّه، فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها، فإنَّها ليلة آلى الله عزَّ وجلَّ على نفسه أن لا يردَّ سائلاً فيها ما سأل، ما لم يسأل الله المعصية”.
مناسباتُ الشّهر
وما يسهم في تعزيز الجوّ الروحيّ والتربويّ، هو المناسبات العديدة الّتي أتحف بها هذا الشَّهر، والتي يعمّق فيها الإحساس بالعزَّة والكرامة والأمل بالفرج القريب. ففي الثالث من هذا الشهر المبارك، سنكون مع ذكرى ولادة الإمام الحسين (ع)، سبط رسول الله (ص)، وسيّد شباب أهل الجنّة وريحانته، التي نستعيد فيها مشاهد العزَّة والكرامة والإباء، الَّتي عبَّر عنها الإمام الحسين (ع)، عندما قال للَّذين أرادوا له أن يسلّم لهم ويخضع لإرادتهم: “لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذَّليل، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد”.
وقال للذين هدَّدوه بالموت إن لم يرضخ لما أرادوا له، قال: “فَإِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً، والْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَماً”، “ألا وإنَّ الدَّعيَّ ابن الدّعيّ قد ركز بين اثنتين، بين السلَّة والذّلَّة، وهيهات منَّا الذّلَّة، يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون”، وفضَّل الاستشهاد على أن يقرَّ ما يخالف قيمة مبادئه وعزَّته وكرامته.
وفي الرّابع من هذا الشَّهر، سنكون مع ذكرى ولادة العبَّاس (ع)، والذي أظهرت كربلاء مدى وفائه لأخيه الحسين (ع)، وإيثاره وتفانيه من أجل دينه، عندما قال:
إنّي أُحامِي أَبَداً عن دِيني واللهِ إن قَطعتُمُ يمينــــي
نَجْلِ النّبيِّ الطـَّـاهِرِ الأَمينِ وعنْ إمامٍ صَادِقِ اليَقِينِ
والَّتي عبَّر عنها الإمام زين العابدين (ع)، عندما قال: “رحم اللّه عمّي العبّاس بن عليّ، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه… وإنّ للعبّاس عند اللّه تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة”.
وفي الخامس منه، ولادة الإمام زين العابدين (ع) وسيّد السَّاجدين، والذي أشارت سيرته إلى مدى عنفوان القوَّة لديه، عندما قال لابن زياد لما أراد قتله: “أما علمتَ بأنَّ القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة”، وخطبته أمام يزيد الَّتي فضحت أهداف المشروع الأمويّ، وفي عمله لحفظ أهداف ثورة كربلاء ونتائجها، وما تميَّز به من عفو وتسامح ومحبة، حتى للذين أساؤوا إليه.
وفي الخامس عشر منه، ذكرى ولادة الإمام المهديّ (عج) إمام زماننا، والَّذي نعيش معه الأمل بأنَّ الأرض ستمتلئ قسطاً وعدلاً بعدما امتلأت ظلماً وجوراً.
الاستعدادُ لشهر الله
أيُّها الأحبّة: إنَّ علينا أن نستفيد من أجواء هذا الشَّهر الروحيّة والإيمانيّة، وأن يكون لكلّ منَّا برنامجه فيه، لنبلغ به التقوى، ونعزز علاقتنا بالله، ونطهّر أفكارنا من كل سوء، وقلوبنا من كل حقد وعداوة، ونسمو بالاقتداء بمن جعلهم الله قدوةً لنا ونماذج نحتذي بها.
ويبقى دور آخر لهذا الشَّهر؛ هو أنه شهر نعدّ فيه أنفسنا لنكون لائقين بضيافة الله في شهر رمضان، وندخل إليه بعد أن نكون قد وثَّقنا علاقتنا بالله، وطهَّرنا نفوسنا من كلّ إثم وذنب وحقد وضغينة، فلن يدخل إلى ضيافته إلَّا الأطهار، نرجو الله أن يبلغنا ذلك.
مما أوصى به الإمام الرّضا (ع) أحد أصحابه، قال له: “وأكثر في شهر شعبان من الدّعاء والاستغفار وتلاوة القرآن، وتب إلى الله من ذنوبك، ولا تدعنَّ أمانة في عنقك إلَّا أدَّيتها، ولا في قلبك حقداً على مؤمن إلَّا نزعته، ولا ذنباً أنت ترتكبه إلَّا أقلعت عنه، ليقبل شهر الله عليك وأنت مخلصٌ لله عزَّ وجلّ”.
وفَّقنا الله لذلك، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الخطبة الثَّانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به الإمام الحسين (ع) أحد أصحابه، حين كتب إليه قائلاً: “يَا سَيِّدِي، أَخْبِرْنِي بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ”، فَكَتَبَ (ع): “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، أَمَّا بَعْدُ… فَإِنَّ مَنْ طَلَبَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ، كَفَاهُ اللَّهُ أُمُورَ النَّاسِ، وَمَنْ طَلَبَ رِضَى النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ، وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ. وَالسَّلَام”.
وهذا ما عبَّر عنه الإمام الحسين (ع)، عندما كان يقول: “هوَّنَ ما نزل بي أنّه بعين الله ولأجله”.
فلنحرص على هذه الوصيَّة، بأن يكون الله هو من نسعى إليه ونحرص على رضاه، حتى لو لم يرض النَّاس، لأنه هو من بيده قلوب النَّاس ومن بيده أمرهم، وهم لا يملكون أمراً بدونه.
ومتى أخذنا بذلك، بلغنا خير الدنيا والآخرة، ونكون أكثر وعياً وقدرة على مواجهة التحديات التي لا تواجه إلَّا بتأييد الله وتسديده.
مشاهدُ العزَّةِ في الجنوب
والبداية من مشاهد البطولة والعزَّة التي عبَّر عنها أهلنا في الجنوب، بشبابهم وشيوخهم ورجالهم ونسائهم وأطفالهم، ومعهم كلّ الحريصين على سيادة هذا البلد، في وقوفهم بوجه جيش العدوّ الصّهيوني وآلته العسكريَّة بصدورهم العارية، وإصرارهم على خروجه من أرضهم، رغم وعيهم التامّ لحجم التضحيات التي سيقدّمونها من وراء موقفهم هذا، لكنَّهم كانوا على استعداد لتقديمها، وهم قدَّموها ولا يزالون، بعدما بات الأمر لديهم واضحاً، ومن خلال كلّ تجاربهم السَّابقة، أنَّ هذا العدوَّ لن ينسحب من أيّ أرض دخلها بإرادته، وأنَّه لا يتقيَّد بالاتفاقات التي تجري معه أو بالقرارات الدولية، وتشهد على ذلك اعتداءاته المتواصلة وخروقاته المستمرة، والتي لم تقف عند حدود جنوب الليطاني، بل وصلت إلى كل لبنان.
وهم استطاعوا بعزيمتهم وإرادتهم الحرَّة، والبعيدة من أي إملاء، أن يحرروا جزءاً منها، وهم يصرّون على تحرير الباقي، إلى أن يخرج هذا العدوّ من أرضهم مدحوراً مهزوماً، وسيتابعونها دون أن تفرض عليهم شروط أمنيَّة أو سياسيَّة تمسّ بسيادة هذا البلد.. وهم بذلك قدَّموا تجربة رائدة في المواجهة مع هذا العدوّ، وأثبتوا أنهم قادرون على أن ينتزعوا حقوقهم في أرضهم بأيديهم وأن يحرّروها، وأن يستكملوا جهود المقاومين وتضحياتهم الجسيمة.
الجيشُ.. والمقاومة
ونحن في هذا المجال، لا بدَّ أن ننوّه بموقف الجيش اللبناني الذي وقف مع شعبه، وقدم التضحيات في هذا الطريق من جنوده، وأثبت بذلك أنَّه منه، ويحمل طموحات هذا الشعب وأمانيّه في العزَّة والكرامة.
لقد قلناها ونقولها: على اللبنانيين اليوم أن يعتزّوا بأنَّ في الوطن مثل هؤلاء، ممن هم على استعداد للدفاع عنه وتقديم التضحيات في سبيله، وهم لا يقدّمونها لأي حساب آخر، هؤلاء هم قوَّة لهذا الوطن، وهم سياجه، عندما يتعرَّض من أيّ جهة كانت لأيّ اعتداء أو انتقاص من سيادته، انطلاقاً من أنهم يؤمنون بأنَّ هذا البلد ينبغي أن يبقى حراً مستقلاً وسيّداً على نفسه، وأن لا يعبث به طامع أو غاز، مما أثبته وقائع الماضي الحاضر.
وندعو إلى مدّ اليد إلى هؤلاء، والوقوف معاً في مواجهة هذا العدوّ وكلّ من لا يريد خيراً بهذا الوطن.
حكومةٌ لمصلحةِ الوطن!
في هذا الوقت، يستمرّ العمل على تشكيل الحكومة اللبنانيَّة، وسط التعقيدات التي تقف أمامها بفعل المطالب والمطالب المضادَّة الَّتي تطرح من قبل الكتل النيابيَّة، وفي ظلّ الضغوط الخارجيَّة التي بدأت تلوح في الأفق.
ونحن هنا نأمل أن ترتقي القوى السياسيَّة إلى مستوى المخاطر التي تحدق بلبنان، إن في داخله أو مما يجري في الجنوب، أو في التطوّرات التي تعصف بالمنطقة، ما يستدعي الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنيَّة.
وهنا ندعو القوى السياسيَّة إلى تبنّي عقليَّة جديدة في التأليف، وأن تقدّم أفضل ما عندها على صعيد الكفاءة والنَّزاهة ونظافة الكفّ والتاريخ، والقدرة على القيام بدورها في الموقع الَّذي ستديره، وأن تأخذ بالاعتبار مصلحة الوطن وسيادته، لا مصلحة هذا الفريق أو ذاك، بعدما فشلت عقليَّة المحاصصة والمحسوبيات.
غزّة: ثباتٌ وصمود
وأخيراً، نحيّي الشَّعب الفلسطيني الحرّ الأبيّ الَّذي أكَّد، ورغم مرور 15 شهراً من المجازر والتدمير والمعاناة والمآسي، واستشهاد القادة من أبنائه، أنّه لا يزال متشبّثاً بأرضه، مصراً على البقاء فيها، وإن كانت مدمَّرة وغير قابلة للحياة، وأنه شعب جدير بالحياة.
وهذا ما شهدناه واضحاً في الأعداد الهائلة للعائدين إلى شمال غزَّة ووسطها، بعدما كانوا قد خرجوا منها إلى جنوبها، رغم المخاطر والحواجز الَّتي وضعت لهم منعاً لهذه العودة، وهم بذلك فوَّتوا على قادة العدوّ الصّهيونيّ الفرصة التي كانوا ينتظرونها بإعلان النَّصر، وهم سيمنعون بثباتهم وصمودهم في أرضهم رغم انتفاء كلّ مقوّمات العيش، كل المحاولات التي ستبذل من أجل تهجيرهم منها.