(وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)
في ذكراه يصدر هذا ( المطبوع ) ، وهو مجموع مسائل هامّة ، دأب سيدنا الراحل ( طيّب الله ثراه ) على عرضها ومناقشتها في وسط ٍعلمي يحضره عددٌ من طلابه أو ضيوفه.
هذا هو دأب السيد في كل مجلس ، فلا يعرف تضييع الوقت في غير المفيد ، و يحرّض على التفكير بصوتٍ عال ..
كان يتردد على دمشق ؛ حيث مرقد السيدة زينب ( عليها السلام ) ؛ في بواكير نشاطه الديني المتواصل ، فيجتمع عنده ( في مقرّ إقامته ) عدد من العلماء والفضلاء ، فيطرح مسألة خلافية أو وليدة العصر ، يحرّر فيها موضوع النزاع والآراء والأدلة والرأي المختار …وقد وفقت لتدوين عددٍ منها ، أو بالأحرى تدوين خلاصاتها ، ثم حرّرتها وعرضت عليه ربما مسألة أو أكثر… وبقيت عندي أسيرة مكتبتي منذ التسعينيات ، وها هي تأخذ طريقها للنشر .
قبل ذلك نشرت تقريرات درسه الفقهي ( فقه الإجارة ) وكتاب الشهادة ( الاثبات القضائي) و(فقه الشركة) .
ينتمي فقه السيد فضل الله الى مدرسة النجف مزدانًا بانفتاح جبل عامل ، ومذاق لغوي وشاعري مرهف ، واحساس بمتطلبات العصر …منشغل بما يشغل الناس ، ومهموم بما يهمهم ، فلا يُحسن التغافل عن ذلك ولا التمويه أو الالتفاف..صريح حيث تكون الصراحة هي الموقف ، ويسعده أن يسأل الناس عن كل ما يشغل تفكيرهم ، فلا سؤال محظور أو تافه ..
المرجع في الفقه عنده القرآن ( كتاب الله ) ، والسنّة الشريفة ، وهي لا تنفصل عن كتاب الله ، وهي ترجمان له ، وتسبح في فضائه ..
تعاطيه مع النصوص بوصفها من سنخ لغة المخاطبين ، وفي ضوء الفهم العرفي ، ولذلك كان يأبى تفسيرها بأدوات الفلسفة ، وينأى عن التفسير الحرفي للنصوص إلا اذا ثبت إنها وصلتنا باللفظ لا بالمعنى.
لا يجد الباحث في تراثه الفقهي ما نُسب اليه من العمل بالقياس أو الاستحسان ، فذلك مرجعه الى أقاويل الأفاكين ، لأغراض مشبوهة..
يحترم السيد تراث السابقين وله إجلال لهم ، كما يحترم معاصريه ويقدّر جهودهم ، إلا أنه لايرى لآرائهم سطوة تمنعه من التفكير خارج سربهم ، إذ لايجوز أن يُستغرب رأي في محافل العلم ، وإنما يُسأل عن دليله ، ولذلك لم يرَ دعاوى الإجماع ولا الشهرة تصلح لتقييد الفقيه عن الرأي المختلف..
ولا يتعاطى السيد مع آراء الغير في ضوء النوازع النفسية ، فهي عنده آراء توضع على طاولة النقد والتمحيص ، يوافقها إن رأى الرأي نفسه ، ويخالفها إن كان في ميزان النقد العلمي مالا يعضدها .
يعنى بالمعطيات العلمية ويصغي للخبراء بها ، ولا يتبرع بأجوبةٍ كيفية بصددها ، لأنه يرى إنها فضاءات معرفية وعلمية أجنبية عن إختصاص الفقيه ، ولايجوز الافتئات عليها والتقوّل على المختصين والعارفين بها .
وهو - السيد الراحل - حريص على المراجعة وتقليب النظر مرة بعد أخرى ، ولذلك لايرى الإصرار على الرأي منقبة ، ولا يجد ما يبرّر التخاصم على هذا الرأي أو ذاك .
ولذلك غلب على أدبياته وخطابه ما يرفع الاستيحاش عن الرأي المختلف ، لأنه يرى في هذه الظاهرة سببًا للتغرير وحجبًا لواقع حال المحافل العلمية تاريخيا ..
في هذا المطبوع عدد من المسائل الهامّة :
- الاحرام للحج والعمرة من غير المواقيت المعروفة لمن لم يمرّ عليها
- حكم الغناء واستعمال آلات اللهو
- التشريح
- ترقيع الأعضاء
- ثبوت الشهر بولادة الهلال
- بلوغ الأنثى
- تحقق الموت
- مفطرات الصوم
- اشتراط الفلس في حلية أكل السمك
ومسائل أخرى..
السيد محمد الحسيني