ومما جاء في خطبته الأولى:
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}. صدق الله العظيم.
مرَّت علينا في الثَّامن من ربيع الأوَّل، ذكرى وفاة الإمام الحادي عشر من أئمَّة أهل البيت (ع)، وهو الإمام الحسن بن عليّ العسكري (ع).
هذه المناسبة الَّتي ترتبط بمناسبة أخرى عزيزة على قلوب المحبين لأهل البيت (ع)، وهي مناسبة تكليف الإمام المهدي (عج) بمسؤوليَّة الإمامة التي بدأت بوفاة الإمام الحسن العسكري (ع)، الذي نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يعجِّل فرجه ويسهّل مخرجه، وأن نكون من أنصاره وأعوانه والممهِّدين له، حين يأتي الوقت الَّذي يرث الله الأرض ومَنْ عليها.
معاناةُ الإمامِ العسكريّ (ع)
ولد الإمام العسكريّ (ع) في المدينة المنوَّرة، لكنّه لم يقم فيها سوى سنتين، انتقل بعدها مع أبيه الإمام الهادي (ع) إلى سامراء، مركز الخلافة العباسيَّة، بعد أن فرض الخليفة العباسي المتوكّل على أبيه الإقامة فيها. استلم الإمامة بعد وفاة أبيه وله من العمر اثنان وعشرون عاماً، واستمرّت إمامته لستِّ سنواتٍ فقط.
عانى الإمام (ع) في خلال فترة إمامته القصيرة مما عاناه والده من الحصار والتَّضييق والتَّشديد عليه، وقد سجن في خلالها مرَّات عدّة في سجون بني العباس.
وقد أشار الإمام (ع) إلى مدى معاناته، عندما كان يرسل أصحابه إلى شيعته قائلاً لهم: "ألا لا يسلِّمنَّ عليَّ أحدٌ، ولا يشرْ إليَّ بيدِهِ، ولا يومئ، فإنَّكم لا تؤمنونَ على أنفسِكم"، وهذا يشير إلى مدى خوف الخلفاء العباسيّين من هذا الإمام الَّذي بلغ من العلم والحلم والتَّواضع وحسن الخلق والبذل والعطاء، ما جعله مهبط قلوب النّاس جميعاً، حتى أولئك الَّذين لم يلتزموا إمامته، وهذا ما أشارت إليه روايتان:
الرّواية الأولى: ما ورد عن وزير الخليفة العبّاسي المعتمد، أنَّه عندما سأله ابنه عن سبب تبجيله للإمام الحسن العسكريّ (ع) واحتفائه به، عندما كان يفد إليه أو يلتقي به، قال له: "ذاك إمام الشّيعة الحسن بن عليّ الهادي المعروف بابن الرّضا... اعلم يا بُنيَّ، لَوْ زالَتِ الخِلَافةُ عَنْ بَني العَبَّاسِ، مَا اسْتَحَقَّها أَحَدٌ مِنْ بَني هاشمٍ غَيْرُهُ، لِفَضْلِهِ وَعَفافِهِ وَهَدْيِهِ وَصِيانَةِ نَفْسِهِ وَزُهْدِهِ وَعِبادَتِهِ وَجَميلِ أَخْلاقِهِ وَصَلاحِهِ".
الرواية الثانية: عندما جاء العبّاسيون إلى صالح بن وصيف الَّذي كان يتولى أمر حبس الإمام العسكري (ع)، قالوا له: "ضيِّقْ عليه ولا توسِّع"، لما رأوا من تهاونه في أمر حبس الإمام العسكريّ، فقال لهم صالح: "ما أصنع به؟! قد وكّلت به رجلين شرّ من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصّلاة والصّيام إلى أمر عظيم".
لكن رغم كلّ الضّغط الذي عاناه الإمام (ع)، استطاع أن يؤدِّي دوره في التّوجيه والتعليم والتربية، وفي الردّ على التساؤلات التي كانت تطرح عليه حول العقيدة والشَّريعة والمفاهيم الإسلاميَّة وفي فهم القرآن والسنَّة، وهو اعتمد على الوكلاء الَّذين اصطفاهم لأداء هذا الدَّور، وفي الوقت نفسه، لتهيئة الظروف لولادة الإمام المهديّ (عج)، وكيفيَّة التعامل معه في خلال غيبته، فكانوا صلة الوصل بينه وبين شيعته، يحملون من النَّاس أسئلتهم، ويبلِّغونهم إجاباته عنها وتوجيهاته إليهم، بعيداً من أعين الحكم العبَّاسي.
إشكالاتٌ.. وإجابات
ونحن اليوم في هذا اللّقاء، سنشير إلى بعض الأسئلة الَّتي وجِّهت إلى الإمام (ع)، والتي أجاب عنها.
السؤال الأوَّل: وهو لماذا تأخذ المرأة في الإرث سهماً واحداً، فيما يأخذ الرَّجل سهمين؟ والَّذي ورد في قوله سبحانه: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، ألا يعتبر ذلك إجحافاً وانتقاصاً من المرأة وهضماً لحقوقها؟ فأجاب الإمام (ع): "إنَّ المرأة ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا معقلة، وإنَّما ذلك على الرّجال"، فمن مسؤوليَّة الرَّجل عندما يدعى للقتال، أن يؤمِّن سلاحاً ومؤنةً على نفقته، فيما ليس ذلك على المرأة، ومن واجبه تأمين البيت الزوجي والنفقة عليه، بينما ليس على الزَّوجة أن تبذل في ذلك، ومن الواجبات على الرَّجل المعقلة، ومعنى ذلك أنَّه إذا قتل واحد من أفراد العائلة إنساناً خطأً، فإنَّ الدية تقع على العاقلة، وهم الرجال من عائلته، فيما لا تتحمَّل النساء ذلك، فالقرآن الكريم عندما أعطى الذَّكر ضعف حصة الأنثى، فلأجل تحمُّله كلِّ المسؤوليَّات التي حمَّله إيَّاها.
وإذا كان البعض يرى أنَّ المرأة باتت تعمل وتشارك الرَّجل في أداء مسؤوليَّاته، وتصرف على البيت كما الرجل، لكنَّ ذلك إن حصل، فليس من باب الواجب، وإنما هو تبرع منها للرَّجل، ويحصل باختيارها، ولا يمكن للزوج أن يلزمها بذلك، وإذا كانت هذه المشاركة تقتضي إعطاء المرأة حصَّة أكبر في الميراث، فإنه يمكنها أن تنصَّ على ذلك في عقد الزواج.
السّؤال الثّاني: هو حول الحروف المقطَّعة الواردة في القرآن الكريم، وما المراد منها، هل هي رموز لا يعلم كنهها إلَّا الله والراسخون في العلم، أو تشير إلى أحداث جرت أو ستجري أو لها معنى آخر؟
أجاب الإمام (ع) عن ذلك بقوله: "كَذبَتْ قُريشٌ واليَهودُ بالقرآنِ، وقَالوا سِحْر مبين تقوَّلَه، فَقَالَ اللهَ كمثل: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}، أي: يَا مُحمَّد، هَذا الكِتَاب الَّذي نزَّلنَاهُ عَليكَ هُوَ الحُروفُ المقطَّعَة الَّتي منها (أَلِف)، (لام)، (مِيم)، وهو بلغتكم وحروف هجائكم، فأْتُوا بِمِثْلِهِ إنْ كُنتُم صَادِقِين، واسْتَعينُوا عَلَى ذَلِكَ بِسَائِرِ شُهَدَائِكُم. ثمَّ بيَّن أنَّهُم لا يَقدرُونَ عَلَيه، بِقَولِهِ: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}".
السؤال الثَّالث: جاء على لسان الَّذين راحوا يشكِّكون بما ورد في سورة الفاتحة، وهو لماذا تقولون في صلاتكم عند قراءة الفاتحة: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}، أولستُم فِيه؟! (أي ألستم على الصِّراط المستقيم؟!) أم أنّكم متنكِّبون عنه، فتدعون ليهديكم إليه؟!
فأجاب الإمام (ع) قاطعاً، ليس ذلك ما فهمتم: "إنَّ معناه هو أَدِمْ لَنَا تَوفِيقَكَ الَّذي بِهِ أطَعْنَاكَ فِي مَاضِي أيَّامِنا، حَتَّى نُطِيعَكَ كَذَلِكَ فِي مُسْتَقبَلِ أعْمَالِنَا".
السؤال الرابع: وهو حول الفقهاء الَّذين ينبغي الرجوع إليهم والأخذ منهم معالم دينهم في خلال غيبة الإمام المهدي (عج)، فأجابهم الإمام (ع): أن عليهم أن لا يكتفوا بفقههم والعلم الَّذي بلغوه، بل أن يدرسوا شخصيَّة هؤلاء الفقهاء وتاريخهم، ومدى قربهم من الله والتزامهم بطاعته، وأن لا يخضعوا للمال أو السّلطان، أو أن يحاوروا النَّاس فيما هم عليه لكسب ودّهم، فلا تأخذهم في الله لومة لائم، فقال (ع): "وأمّا من كان من الفقهاء حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلِّدوه"، وأن يرجعوا إليه، فالعدالة للفقيه هي صنو فقهه وتوازنه، وفي ذلك قول رسول الله (ص): "الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدّنيا، قيل: يا رسول الله، فما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتّباع السّلطان، فإذا فعلوا ذلك، فاحذروهم على أديانكم".
الاهتداءُ بسيرة الإمام (ع)
أيُّها الأحبّة: إنَّ إخلاصنا لهذا الإمام في ذكرى وفاته، لن تكون بما اعتدنا عليه من إقامة المجالس على اسمه، أو بزيارة ضريحه، أو التسليم عليه من بعد، فمع أهميَّة ذلك، فإنّه لا يكفي، بل علينا أيضاً أن نأخذ بهدي سيرته الَّتي سار عليها، ونعمل بوصاياه وبما دعا إليه، والَّتي لأجلها عانى وتألم وقدَّم التضحيات.
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الخطبة الثّانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بوصيَّة الإمام الحسن العسكريّ (ع) الَّذي مرَّت علينا ذكرى وفاته في الثَّامن من هذا الشَّهر المبارك، شهر ربيع الأوَّل، حين توجَّه إلى شيعته وقال: "أوصيكم بتقوى اللهِ، والورعِ في دينِكم، والاجتهادِ للهِ، وصدقِ الحديثِ، وأداءِ الأمانةِ إلى من ائتمنَكم من برٍّ أو فاجرٍ، وطولِ السّجودِ، وحسنِ الجوار... فبهذا جاء محمَّد (ص)، فإنَّ الرَّجلَ منكم إذا ورِعَ في دينِه، وصدقَ في حديثِه، وأدَّى الأمانةَ، وحسَّنَ خلُقَه مع النَّاسِ، قيل: هذا شيعيٌّ، فيسرُّني ذلك.. اتَّقوا اللهَ، وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جرّوا إلينا كلَّ مودةٍ، وادفعوا عنّا كلَّ قبيح... أكثروا ذكر الله وذكر الموت، وتلاوة القرآن، والصَّلاة على النَّبيّ (ص)، فإنَّ للصَّلاة على رسول الله (ص) عشر حسنات… احفظوا ما أوصيتكم به، وأستودعكم الله، وأقرأ عليكم السلام".
إنَّنا أحوج ما نكون إلى الاستهداء بهذه الوصيَّة، والأخذ بمضامينها، لنكون معبِّرين حقيقيِّين عن انتمائنا إلى هذا البيت الطَّاهر، وعن التزامنا بالإسلام قولاً وفعلاً، وأكثر وعياً وأقدر على مواجهة التحدّيات.
العدوُّ يستمرُّ في إجرامِهِ
والبداية من غزَّة، حيث يواصل العدوّ مجازره فيها بحقِّ المدنيّين، وليس آخرها مجزرة المواصي، والَّتي استخدم فيها العدوّ آخر ما طوَّرته تكنولوجيا الدَّمار، وأدَّت إلى ارتقاء أعداد كبيرة من الشّهداء والجرحى، وذلك بحجَّة وجود مقاومين، فيما كلّ الوقائع تشير إلى أنَّ موقع الاستهداف هو مركز لجوء للمدنيّين الهاربين من جحيم القصف داخل غزَّة.
وقد أصبح واضحاً أنه يريد من وراء ذلك تيئيس الفلسطينيّين ودفعهم إلى ترك غزَّة، وإيجاد شرخ بينهم وبين المقاومة، بدعوى أنها تتَّخذ منهم دروعاً بشريَّة لها.
فيما المفاوضات التي لا يزال هناك من يراهن عليها وصلت إلى طريق مسدود، بفعل إصرار حكومة العدو على عدم الاستجابة للمطالب المحقَّة للشعب الفلسطيني، وهو في ذلك لا يأبه بالأصوات الَّتي تأتي من الخارج وتدعوه إلى القبول بمنطق المفاوضات، ولا بالتظاهرات الحاشدة التي تعمّ مدن الكيان الصهيوني وأرجاءه، ومن الغريب أن تضع الإدارة الأمريكيَّة مسؤوليَّة إيقاف هذه المفاوضات على عاتق المقاومة الفلسطينيَّة، وهي التي بادرت للأخذ بطرح الرئيس الأمريكي وما دعا إليه من دون زيادة أو نقصان.
إننا أمام كلِّ ما يجري، نجدِّد التحية للشعب الفلسطيني الَّذي رغم كل المجازر والقتل والتجويع والأوبئة، لا يزال مصراً على مواقفه والثَّبات في أرضه، وعلى مواجهة هذا العدو بالإمكانات الَّتي تمتلكها مقاومته، والتي أربكت هذا العدوَّ وتربكه، وتمنعه من تحقيق الانتصار، ما يدفعه إلى القول إنَّه يحتاج إلى سنة أخرى حتى يحقِّق أهدافه في غزَّة ويستكملها في الضفَّة الغربيَّة... إنَّ ذلك كلَّه يجعلنا ندعو مجدَّداً العالم المعنيَّ بهذه القضيَّة عربياً وإسلامياً، إلى عدم الوقوف موقف المتفرج أمام معاناة هذا الشَّعب، والاكتفاء ببيانات الشَّجب التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
وهنا نحيّي كلَّ الذين شعروا بمسؤوليَّتهم، ويؤدّون دورهم على هذا الصَّعيد، والذين يبذلون لأجل ذلك التَّضحيات، وهو ما شهدناه أخيراً في العمليَّة البطوليَّة التي قام بها شاب أردني بمفرده، وهو الَّذي لم يقبل أن يبقى ساكتاً بعدما رأى ما يتعرَّض له الشعب الفلسطيني، فأقدم، وبسلاحه الخاصّ، وبجهد فرديّ، على القيام بعمليته هذه.
ولا بدَّ أن نشير هنا، إلى أنَّ هذه العملية لا تقتصر دلالتها على بعدها العسكري، بقدر ما توجِّه رسالة إلى العدوّ أن معركته لم تعد مع الشَّعب الفلسطيني وحده، بل مع كل الشعوب العربيَّة، وأنها ستقوم بواجبها كلَّما استطاعت إلى ذلك سبيلاً.
توسُّعُ دائرةِ الاعتداءات
ونصل إلى لبنان الَّذي بات سقف تهديدات العدوّ الصهيوني له يرتفع، وهو ما جاء على لسان قياداته الأمنية والسياسية، حين يعلن أنَّ الوقت قد حان لنقل معركته إلى الجبهة مع لبنان، في الوقت الَّذي يوسّع العدوّ من دائرة اعتداءاته، لتطاول المدنيّين وسيارات الإسعاف والدفاع المدني اللبناني، وتدمير المباني السكنيَّة، واستهداف أماكن العبادة، وإحراق المساحات الحرجيَّة، والتي من الواضح أنها تهدف إلى إيقاف مساندة الشعب الفلسطيني الَّتي باتت تشكل استنزافاً له، وللخروج من المأزق الذي يعانيه تجاه مستوطنيه على أبواب عام دراسي جديد.
إننا أمام ما يجري، نؤكد على اللبنانيين عدم الخضوع لتهديدات العدوّ التي تندرج، وكما في السابق، في سياق التَّهويل، بعد أن أصبح واضحاً أنَّ هذا العدوَّ غير جاهز للقيام بحملة عسكرية واسعة، هو يعرف جيّداً، وبخبرته الَّتي عاشها في لبنان، مدى خطورتها عليه، فيما هو لا يملك الغطاء الدولي الكافي الَّذي يجعله يقدم على حرب كبيرة، والتي إن بدأ بشنِّها، فإنها لن تقف عند لبنان، بل ستتَّسع دائرتها لتكون حرباً إقليميَّة، لكن هذا لا يعني عدم الحذر لمواجهة أيِّ طارئ أو أيِّ مغامرة متهوّرة قد يقدم عليها.
وهنا نجدِّد دعوتنا للّبنانيّين إلى الوقوف صفّاً واحداً، ومنع العدوّ من الاستفادة من أيِّ انقسام دخليّ قد يحفِّزه على الإقدام على مغامرته.
وفي الوقت نفسه، ندعو الحكومة إلى تحمّل المسؤوليَّة تجاه مواطنيها، لمعالجة الوضع المتردّي الَّذي يعيشه اللّبنانيون على الصَّعيد الاجتماعي والاقتصادي، وعدم إدارة الظهر له، تجنباً لتداعيات ما جرى مع العسكريين المتقاعدين، والتي يخشى أن تؤدي إلى انفجار يهدِّد استقرار البلد، فيما لدى الحكومة الكثير مما تستطيع القيام به على هذا الصَّعيد، وفي الحدِّ الأدنى، إيقاف كلِّ منافذ الهدر، والاستفادة من مقدّرات الدولة وإمكاناتها، والتحرك بجدية لاستعادة الأموال المنهوبة.
مصداقيَّةُ القضاء
وعلى صعيد آخر، نجدد دعوتنا القضاء أن يعبِّر عن مصداقيته في التَّحقيق الجاري مع حاكم مصرف لبنان، المعني الأوَّل بحماية أموال الدَّولة وأموال المودعين، بأن يكشف للّبنانيّين أين ذهبت أموال الدَّولة وأموال المودعين، فلا يبقى التَّحقيق بالحدود الَّتي تجري فيها، أو أن يضيع في دهاليز السياسة والتَّسويات التي تحصل في هذا المجال.