يتابع العلَّامة السيِّد علي فضل الله زيارته إلى الديار المقدّسة، وتأديته لمراسم الحجّ، حيث كانت له كلمة في مكَّة المكرَّمة خلال لقائه حجَّاجاً قادمين من أستراليا وكندا والولايات المتَّحدة الأميركيَّة، إضافةً إلى الحجَّاج القادمين من لبنان.
وأشار سماحته في كلمته إلى أنَّ علينا أن نتذكَّر ونحن نؤدِّي مناسكنا هنا في مكَّة المكرَّمة ومنى وعرفات والمزدلفة، أنَّ هذه الأرض كانت السَّاحة الَّتي هبط فيها الوحي، والأماكن الَّتي تحرَّك فيها رسول الله (ص)، ثمَّ انطلقت منها المسيرة الإسلاميَّة لتصل عبر هذه القرون المتطاولة إلى كلِّ بقاع العالم.
أضاف: لم تصل الرسالة الإسلاميَّة إلى العالم عبر السَّيف، كما يقولون، إنما وصلت من خلال تعاليمها الإنسانيَّة، وما فيها من حجَّة ومنطق، وما تضمَّنته من مخزون أخلاقيّ وقيميّ له امتداده في النّفوس والأجيال وغبر الزَّمن، مؤكِّداً أنَّ الإسلام لم يشهر السَّيف على الآخرين، بل خرج ليدافع عن نفسه وعن منظومة القيم الَّتي تمثِّل الخلاص للبشريَّة كلّها، في مواجهة التوحّش والجاهليّة والردّ على عنف الآخرين.
وأكَّد سماحته أنَّ الحاجة كبيرة جداً في مثل هذه الظروف الصّعبة الَّتي نعيشها، إلى تقديم الإسلام بوجهه الحقيقيّ إلى الآخرين؛ الإسلام الَّذي يحمل رسالة الرَّحمة والعدل، والَّذي يحفظ حقوق النَّاس، مهما كانت أعراقهم وقوميَّاتهم وأديانهم، وخصوصاً الشّعوب في البلدان الغربيَّة الَّتي بدأت تكتشف أنَّ الشعارات التي حملتها هذه البلدان في الحريَّة والديمقراطيَّة وحقوق الإنسان، أخذت تتساقط فعلاً، وتنكشف أكثر في ظلِّ ما ارتكبته ومارسته من حروب وويلات كان آخرها ما يحصل في غزَّة.
وشدَّد سماحته على أن يكون المغتربون رسل سلام وسفراء محبَّة للشّعوب الغربيَّة الَّتي رأت بعينها السّقوط المروّع للشّعارات الخادعة الَّتي أرادت الدول الغربيَّة أن تسيطر علينا من خلالها، وأن تعمل في الوقت نفسه على تقييدنا بقيمنا، لنبقى نعيش الضحيَّة المغلوب على أمرها، ويبقى هؤلاء على دورهم كمنتصرين وغالبين.
ودعا سماحته الجميع إلى تحسّس مشاكل بلدنا ووطننا، ليس على صعيد الأزمة الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة الخانقة فحسب، بل من خلال ما يعانيه النَّاس في جنوب لبنان، ومن خلال التهديدات الإسرائيليَّة المترافقة مع تصعيد متدرّج، مشيراً إلى أنَّ العدوَّ يبحث عن تحسين صورته واستعادة ردعه وإرجاع مستوطنيه، ولذلك يستخدم المزيد من القوَّة الناريَّة، ويستهدف المزيد من المدنيّين، ليوحي بأنَّ الأمور ستتعقَّد أكثر، وأنَّه قد يلجأ إلى ما هو أبعد من ذلك، مع علمنا بأنَّه يعرف أنَّ التصعيد الكبير سيلقى تصعيداً مقابلاً، وقد تكون له انعكاساته في المنطقة والإقليم، وهو ما لا يريده لا هو ولا حليفه الأميركي