وشكر سماحته في بداية كلمته مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية على الدور الذي يقوم به على صعيد الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب، نظراً إلى أهمية هذا الدور في تعزيز الحضور الإسلامي في كل الميادين وفي مواجهة التحديات التي يتعرض لها، والتي لا يمكن أن تواجه بالانقسام والتفرق.
وأضاف: من الطبيعي أن نشهد له بهذا الدور في عمله الدؤوب لتوحيد الجهود لنصرة الشعب الفلسطيني الذي يتعرض اليوم لأبشع عمليات القتل والتدمير التي يقوم بها الكيان الصهيوني في غزة والتي تستكمل في الضفة الغربية لتصفية أي صوت يطالب بالحرية في أرضه، في محاولات مستمرة لتيئيس هذا الشعب من البقاء في أرضه ودفعه للتنازل عن حقه فيها .
وأشار إلى أن ما يشجع الكيان الصهيوني على التمادي في عدوانه، هو الدعم الذي يحظى به من الدول الغربية التي تقف معه على الصعيد العسكري والأمني والاقتصادي والسياسي والقانوني وتدافع عن جرائمه وارتكاباته في المحافل الدولية، وتتصدى حتى لمن يريد الدفاع عن نفسه من اعتداءات هذا الكيان، كالذي حصل مع الجمهورية الإسلامية بعد الاعتداء على قنصليتها رغم فداحة هذا الاعتداء الذي يمس بالأعراف الدبلوماسية.
ولفت إلى أن هذه الدول تقف في مواجهة شعوبها، والذين تدفعهم إنسانيتهم لرفض ممارسات هذا الكيان والدعم الذي يحظى به منها والذي لأجله تتنصل من شعاراتها التي كانت ترفعها في وجه العالم وتدين على أساسها من يخالفها في حرية التعبير وحقوق الإنسان وهو ما شهدناه في القمع الذي تعرضت له الاعتصامات الطلابية التي جرت وتجري في العديد من الجامعات الأمريكية والأوروبية.
واستغرب سماحته غياب هذا الدعم في مواجهة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من الدول العربية والإسلامية المفروض أن تكون سنداً له انطلاقاً مما يجمعها معه من عروبتها وإسلامها بما يدعوها إلى أن تنتصر له ولا تسمح باستباحته، وهي لو قامت بالحد الأدنى من الواجبات المترتبة عليها لتوقفت حرب الإبادة منذ الأسابيع الأولى...
تابع: ومع هذا الانكفاء العام، تحركت مبادرات مساندة انطلقت من الشعور بالمسؤولية الدينية والأخلاقية والقومية والوطنية لدى بعض القوى والدول العربية والإسلامية رغم وعيها لحجم التبعات والتحديات التي قد تواجهها من وراء ذلك، وهي التي تمثلت بالجمهورية الإسلامية في إيران التي أخذت على عاتقها دعم قضية الشعب الفلسطيني ولا تزال تواجه ما تواجهه من الحصار والضغوط بسبب هذا الدعم، وبالشعب اليمني الذي فاجأ العالم بحضوره الفاعل إلى جانب فلسطين ولو أدى ذلك إلى اصطدام مع الدول الكبرى، والمقاومة الإسلامية في لبنان التي بذلت التضحيات الكبيرة وأربكت بحضورها الميداني الفاعل مشاريع العدو في غزة، أما في العراق ورغم ظروفه الصعبة فكان على مستوى المسؤولية وهاجم العدو من حيث لا يتوقع...
وجدد دعوته للعالم العربي والإسلامي إلى عدم السكوت عن هذا الكيان وداعميه، فذلك لن يجعله في منأى عن عدوانه واستهدافاته فهو إن قوي واستطاع أن ينتصر في حربه هذه وينفذ مشروعه في تصفية القضية الفلسطينية فلن يتوانى في المستقبل عن معاقبة أي بلد يعترض على سياساته أو يعاند سياسة داعميه.
إن على العالم العربي والإسلامي أن يعتبر حركات المقاومة في فلسطين وكل الداعمين لها هم بمثابة الخط الدفاعي الأول عن هذا العالم، وهم يشكلون قوة له وعضداً وليس مشكلة كما يروج...
واعتبر أن المرحلة هي مرحلة العمل لصناعة وحدة في المسار والموقف، لتعبئة كل الطاقات العربية والإسلامية ومعهم أحرار العالم لمساندة الشعب الفلسطيني، ومواجهة كل المخططات التي تستهدف الوحدة بين مكونات الأمة والتي لا سبيل غيرها لحماية هذه الأمة وتعزيز استقلالها وتأدية رسالتها في نصرة المظلومين والوقوف في وجه الظالمين...
وأردف: إننا على ثقة أن الشعب الفلسطيني رغم كل الجراح والآلام سيخرج منتصراً من هذه المعركة، ويكفي للدلالة على ذلك اتساع دائرة التضامن مع هذا الشعب وقضيته والتنديد بجرائمه والتي أخذت تدق أبواب كل الدول حتى تلك الداعمة لهذا الكيان مما يزيد من عزلته وضعفه، وما نشهده ويشهده العالم من الصبر والصمود والإقدام من الشعب الفلسطيني في مواجهة غطرسة العدو وتحمل الآلام، والدعم الفعال للقوى المساندة، وتفاقم التناقضات داخل الكيان الصهيوني بعد عجزه عن تحقيق أهدافه وهروبه إلى الأمام من خلال رفض أي مبادرة لوقف النار ومحاولاته اجتياح ما تبقى من غزة في تحدٍ لكل العالم، وهو ما يزيد من مأزقه العسكري والسياسي، الأمر الذي سيدفعه عاجلاً أم آجلاً إلى الانصياع للأمر الواقع، والقبول بوقف حرب الإبادة...